فيصل خالد الخديدي
الإنسان بطبعه كائن اجتماعي تربطه العلاقات الإنسانية مع محيطه ومع أقرانه ومجايليه ومع من سبقوه أو من سيلحقون به، وسواء كانت هذه العلاقات الإنسانية مباشرة أو من خلال وسائط سواء كتابية أو إلكترونية أو لونية فإن أثرها متسلسل ومتوالي وتراكمي في البقاء متباين في درجة التأثير، وهذه العلاقات الإنسانية تتأثر بالعوامل المحيطة وتؤثر على الإنسان ومخرجاته ولعل التشكيليون من أكثر الأفراد والمجتمعات تأثراً في مخرجاتهم بالعلاقات الإنسانية، فالبعض منهم يرى الألوان أرواح وأشخاص يتعامل معهم كما يتعامل مع البشر يقصي منهم من لايريد ويقرب من يشاء وهو حق طبيعي ومشروع له وإحساس صادق يظهر بلا تكلف متى ماكان على قدر كبير من الشفافية، وهو أمر ضمني مقبول على مستوى العمل الفني ومن الغير ملائم أن ينسحب هذا الإقصاء والانتقاء على التعاملات الإنسانية على أرض الواقع أو تتوسع دوائره بكثرة الحساسية المفرطة أو الإحباط من عدم تحقق التوقعات المثالية من ردود فعل الآخرين.
الإقصاء في العلاقات الإنسانية يعتبر تمزقا يصيب رباط العلاقات الإنسانية، وهو عملية انحدار في مستوى التفاعل الإنساني يؤدي إلى العجز عن المشاركة في النشاطات الإنسانية، وضعف في بناء علاقات حقيقية صادقة ذات هدف ومغزى, وهو مصادرة لفكر الغير وانفراد بالرأي وتوحد في التوجه يقود إلى الانعزالية والضمور الاجتماعي للعلاقات الإنسانية لدى ممارسيها، أما الاقصاء والانتقاء في التعاملات الإنسانية بالساحة التشكيلية المحلية فظهوره على مستوى المشاركات والأنشطة وحتى العلاقات معزز للشللية والتكتلات الهواوية غير المبنية على أسس أو توجه لفن أو مبدأ وإنما لعاصفة من المزاجية والتقلب في المصالح والأهواء والخواء الذي يفضي إلى الشتات والتكتلات والحدة في التعاملات.
التشكيلي قدره ان يمتلك حساسية مفرطه يحدوها فكر متقد يعلوها مزاجية سريعة التغير وهو ما يحمله الكثير في التعاملات الإنسانية، فتجد البعض يسرف في القرب بمن يحب ويرتاح لهم حد الالتصاق ويقصي ويقاطع آخرين دونما أدنى سبب أو ربما دونما أي تعامل سابق فمزاجية البعض هي المحرك له ولوكان في اتجاه معاكس لإنسانيته ورسالة الفن وقيمه.
ترنيمة أخيرة: في غياب الحيادية تنمو الانتقائية وتتضخم الاقصائية.