محمد المنيف
المتابع للأخبار على مختلف مصادرها ومنها التلفزيون والصحف وتتناقلها سبل التواصل خصوصا التي تغطى لقاءات الرؤساء والملوك لضيوفهم يرى أن اللوحات التي تظهر في خلفية المكاتب وضعت في مكان بارز تتضمن إما صور لمواقع ترمز لأماكن دينية، أو تاريخية، أو لوحات يظهر فيها شخصيات لها مكانتها ودورها السياسي، أو مناظر لطبيعة تلك الدول لفنانين من عصور مضت يعتزون بما فيها من مواضيع، أو لتاريخها وكونها جزءاً من اهتمامات الحكومة كثقافة بصرية توثق مواقف أو بطولات.. إضافة الى ما يجمل ممرات ومكاتب تلك المقرات الرسمية التي لا تخلو من تلك اللوحات الواقعية كأثر إبداعي وطني.. دون استثناء للأساليب الحديثة التي أيضا تحظى بالتقدير، الا ان ما تشاهده في غالبية الاماكن التي تتم فيها تلك اللقاءات العالية المستوى تحظى فيها اللوحات الواقعية التنفيذ الدقيقة التفاصيل الحظوة والاهتمام في دول تهتم وتعتز بثقافتها الحديثة وفنونها المعاصرة التي اتجهت الى الرمزية وصورها المتعددة وسبل تنفيذها من تركيبات أو ميديا من خامات ووسائط..
ومن الجميل أن نجد الاهمام بإبراز هذا الارث الابداعي (الواقعي) في مكاتب رؤساء دول تعيش اعلى درجات الحداثة في الفن وتحمل راية التغيير.. إنه الاعتزاز بالارث الثقافي الاصيل الحامل لأمانة نقل الواقع مهما مر من تغيير ومحاولة طمس الماضي ورموزه اشخاصا أو بيئة أو حياة اجتماعية ما يجعلنا نطمئن على مثل هذه اللوحات أو الاعمال التشكيلية المباشرة في نقل الواقع تخليد التاريخ المرئي افرادا أو مواقف، ونفخر أن مثل هذه الاعمال لا زالت تجد مكانتها وامكنتها في المتاحف العالمية وفي حماية عالية القوم من رؤساء وملوك وفي المرافق العليا، وفي تلك المكاتب الرسمية هذا الحضور والاهتمام يؤكد ان كل سبل التعبير تستحق التقدير وان القديم لا يمكن أن يلغيه الجديد، ومن ليس له ماض يوثقه بالكلمة أو الصورة أو اللوحة فلن يكون له حاضر متكئ على الاصالة والموروث الذي يربطه بارضه وثقافته، أن من يتوقع ان ما يحدث اليوم من موجة التغيير لثقافات الشعوب وطمس تراثهم سيقابل بقوة الاصالة والتمسك بالهوية، وان من يتوقع نهاية لفنون الماضي بالفنون الحديثة قد جافى الحقيقة فالانسان هو الانسان بالأمس واليوم يتمسك بإرثه ويطور ذاته.