د.محمد بن عبدالرحمن البشر
زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- التاريخية إلى الولايات المتحدة الأمريكية هي الأولى منذ أن أصبح ولياً للعهد، وهي زيارة ذات دلالات كثيرة وكبيرة، فسمو ولي العهد يحمل رؤية 2030، التي تحتوي في طياتها على تغيّرات كبيرة سياسية واقتصادية واجتماعية، والتي وجدت قبولاً كبيراً من دول العالم، ولا شك أنها ستكون القاعدة التي سيتم على ضوئها بناء مستقبل المملكة.
الإدارة الأمريكية الحالية، إدارة تتصف بالحيوية والقوة والوقوف في وجه الذين يحاولون المساس بالأمن والسلام العالمي، وهي تقف بحزم مع حلفائها ضد أطماع الغير ومخططاتهم.
إن وضوح الرؤية لدى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص الأطماع الإيرانية، ورغبتها الجامحة في تقوية نفوذها في العالم العربي من خلال أتباعها، وأعوانها في المنطقة، وتدخلها السافر في القضايا العربية قولاً وعملاً، كما هي في سوريا واليمن، والبحرين وغيرها.
إن المملكة العربية السعودية هي القوة الأبرز والأكثر تأثيراً في المنطقة، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- هو الأكثر طموحاً، والأشد حزماً وعزماً، ولهذا فإن إيران تدرك معنى كلماته، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية تدرك جيداً أن إيران خطراً على المنطقة، وعلى المصالح الأمريكية بها، كما أن بقاءها بهذا السلوك يزعزع أمن واستقرار حلفائها. لهذا فإن الملف الإيراني كان حاضراً في لقاء القمة وبوضع ورؤية واضحة لا لبس فيها، ولا شك أن تدارس أوجه التعاون لكبح جماح إيران هو الطريق الأسلم لتجنيب المنطقة كوارث كبيرة، كما حدث في أوروبا قبيل الحرب العالمية الثانية.
مشكلة إيران في قيادتها أما الشعب الإيراني فهو تواق للحرية والعيش الكريم والتقارب والتلاحم مع جيرانه العرب، لاسيما أنه يعيش عيشة الكفاف، كما أنه يعاني من الانغلاق السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ويبحث عن وسيلة يطل من خلالها إلى العالم الآخر، الذي يراه ينعم بالكثير من الأمن والرخاء.
زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- حملت معها الكثير من آفاق التعاون غير المحدود في المجال الاقتصادي وفتح السوق السعودي لشركات كثيرة وكبيرة للاستثمار وتدريب الشباب السعودي على التقنية العالمية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، فالمملكة تنعم ببيئة مناسبة للاستثمار وجاذبة له، لهذا فإن العديد من مذكرات التفاهم قد تم توقيعها، وسوف تنتقل المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة في أساليب الإنتاج والتشويق والترفيه، والشباب السعودي قادر على استيعاب التقنية، والعمل بها لا سيما أن الكثير منهم قد درس في الولايات المتحدة الأمريكية، أو أنه يتلقى تعليمه طبقاً لمناهجها.
زيارة صاحب السمو الملكي ولي العهد، شملت التعاون في المجال الأمني والعسكري للمملكة والمنطقة، وهذا امتداد لتعاون دائم ومستمر منذ إنشاء المملكة علي يد المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله- والعالم يعلم أن المملكة بدأت في بناء جيش سعودي على أسس علمية قادر على مواجهه المعتدين والطامعين والراغبين في النيل من أمن الوطن والمقدسات الشريفة.
لقد شاهد العالم بما فيه الولايات المتحدة الأمريكية التغيّرات الاجتماعية في المملكة، وكذلك مساهمة المرأة في الحياة العلمية والنهضة الاقتصادية، حتى أصبحت تعتلي المناصب القيادية، وتساهم بكل قوة في جميع الميادين دون استثناء.
هذه الزيارة الميمونة ستعود بالنفع -بإذن الله- على المملكة، وسيجني الشعب السعودي ثمارها قريباً، وستظل العلاقات السعودية الأمريكية في تطور مستمر في جميع الميادين.