أ.د.عثمان بن صالح العامر
قادت الرؤية من خلال أبعادها ومعاييرها ومؤشراتها الاستراتيجية المثقف والكاتب السعودي إلى أن يطور في منهجية تفكيره، ويعيد ترتيب أولوياته واهتماماته، ويعمق مفاهيم أطروحاته، ويكون واضحاً فيما يكتب ويقول، دقيقاً حين ينقل وينقد حتى يتسنى له أن يكون مؤهلاً لمسايرة العهد النهضوي الجديد، ومواكباً المرحلة التي تمر بها التنمية السعودية أياً كان المجال والمحور الذي يكتب فيه ويحظى باهتمامه وإلا سيكون عمّا قريب جزءا من التاريخ.
هذا الأمر العزيز يوجب على الطبقة المثقفة ذات المسئولية المجتمعية أن تمتلك الرؤية الشمولية المتكاملة للتنمية السعودية المستدامة، وأن تكون لديها النظرة الواعية للفرص والتحديات (الخارجية)، مكامن القوة ونقاط الضعف الحالية وكذا المستقبلية (الداخلية) التي يتجاوز فيها مثقفنا السعودي حدود الزمن الحاضر لاستشراف قادم الأيام، وأن يتعالى كل فرد منها على حظوظ النفس ورغباتها الذاتية لينخرط ضمن فرق العمل الوطنية من أجل غد أجمل لهذا الوطن المعطاء.
إن المثقف السعودي اليوم مطالب بأن يؤدي رسالته بكل احترافية واقتدار، فالكل آذان صاغية لما عساه أن يقول ويكتب، ليس من باب الحب لهذا الوطن والحرص على مد جسور التواصل مع مفكريه وقادة الرأي فيه فحسب، بل ربما كان العكس تماماً فالدافع للإصغاء والمتابعة والرصد والمطالعة قد يكون التشفي وربما البحث عن السقطات والزلات التي قد تتعارض بشكل أو بآخر مع سياسة قادتنا وولاة أمرنا، وتثير البلبلة لدى العامة، وتضع المسئول أياً كان وزيراً أو مديراً أو متحدثاً رسمياً في حرج مع وسائل الإعلام الخارجية.
إن هذه الطبقة التي تنعت بالمثقفة هي اليوم موضوعة تحت مجهر أعداء الوطن أفراداً كانوا أو جماعات وأحزاباً فضلاً عن الدول التي لا تخفى، ولذلك فإن الكلمة وإن كانت ثقيلة فيما مضى فهي في هذه المرحلة التي نمر بها أثقل وزناً وأعظم أثراً وأشد محاسبة ومسئولية، فحذارِ أن يؤتى الوطن من قبلك أيها المثقف سواء بمقالة سطرتها أو تغريدة كتبتها أو صورة علقت عليها أو نقد أطلقته مشافهة في جلسة عامة كانت أو خاصة.
إن من النعم التي يتمتع بها المثقف السعودي أنه في بلد - ولله الحمد والمنة- ينعم فيه بحرية الرأي، ويتاح له النقد متى ما كان دافعه المواطنة الصالحة وهدفه المصلحة العامة، وعباراته ومفرداته تتوافق واللغة المنتظرة من أفراد هذه الطبقة الخاصة المعول عليها كثيراً حين البناء والتكوين للشخصية السعودية، بل من مفاخر اليوم أن قادة الرأي يعيشون في عهد خادم الحرمين الشريفين سلمان بن عبد العزيز حفظه الله ورعاه الذي يعلي من شأن الثقافة ويحتفي بالمثقفين ويتابع الحركة الفكرية في المملكة العربية السعودية منذ نعومة أظفاره وحتى تاريخه أطال الله في عمره، وهذا الأمر- في الوقت الذي يعد تشريفاً وتكريماً لكل المثقفين - يلقي بظلال المسئولية الوطنية الفردية والجماعية على الجميع، ويحتم الوعي بمتطلبات المرحلة حتى تكون الحروف والكلمات لها شرف المشاركة في تحقيق رؤية 2030 واقعاً معيشاً في جميع مفاصل حياتنا المعاصرة التي تحدث عنها بكل شفافية ووضوح مهندسها وبناؤها ومتابع خطواتها وداعم مسيرتها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين حفظه الله ورعاه. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.