خالد الربيعان
في المباراة الأخيرة لناد عربي شهير، يتميز بكثرة مشاكل رئيسه، وظهوره الكثير جداً على كل برنامج تليفزيوني في كوكب الأرض! إلى الحد الذي ظهر هناك مثل لو أنك فتحت حنفية (بزبوز) الماء في بيتكم: لخرج لك وجه ذلك الرجل! المهم أنه بعد المباراة، ذهب طفل للتصوير مع مهاجم الفريق، وقال له بعدها «ممكن القميص» ؟ فقال له اللاعب: « ممنوع يا حبيبي»!
هذا الرد العجيب ينقلنا إلى سياسة الرجل الكبير في تسيير أمور النادي الإدارية والمالية! فهناك بعض الرؤساء وأصحاب الأندية الذين لا يفرّقون بين إدارة شركة، وإدارة ناد لكرة القدم، وهناك قاعدة في التسويق الرياضي تقول إن امتلاك الأندية الرياضية غير امتلاك الشركات! لذلك يقوم المستثمرون في الأندية الأوروبية بترك أمور الإدارة والتسويق في النادي لمن يعرفونها من منطق «أعط الخبز لخبازه ...»! أما في حالة هذا الرجل: فالنتيجة أن النادي أصبح في وضع سيئ جداً إعلامياً، فنياً، مالياً!
إذا نظرنا إلى أمثلة الأندية الأوروبية نجد أن ملكيات الأندية تختلف ولكن أسلوب إدارتها واحد! وتجيد فن الإدارة والتسويق والاستثمار، فمثلاً مانشستر سيتي يمتلكه مجلس أبوظبي، وهي مجموعة تجارية، لم تكابر وتقول سأدير النادي بنفس العقلية الخاصة بالبزنس العادي! بل تجلب من الأندية الكبرى كوادرها، والنتيجة أن السيتي الأول عالمياً في ترتيب أقوى 100 ناد في عالم الاقتصاد الرياضي، وإيراداته آخر سنة: 527 مليون يورو، بديون 15 مليوناً فقط!
آرسنال يمتلكه رجل الأعمال الأمريكي «كرونكي»، ولكنه لا يدير ولا يتدخل كما يعتقد محبو آرسنال، بل تنظر أنت وترى أن المتحكم في أمور البيع والشراء الخاصة باللاعبين مثلاً هو آرسن فينجر وهو يدير مؤسسة «عملاقة» في مجال صفقات اللاعبين، وآرسنال رغم ما يُقال عنه من تذبذب مستواه إلا أنه بشكل عام ناجح جداً خاصةً مالياً، وهو ثاني الأندية عالمياً في عالم الاستثمار الرياضي، وديونه 8 ملايين فقط!
وهناك ملاَّك يتدخلون في كل شيء والنادي ينجح! لأنه متفرّغ تماماً للنادي! وعنده موهبة ظهرت في الإدارة والتسويق الرياضي، وهناك مثال قوي لذلك هو مالك توتنهام، «دانيال ليفي»! هذا اليهودي البخيل جداً في تسيير أمور النادي جعلت توتنهام في النهاية خامس أندية العالم في ترتيب عمالقة التسويق والاستثمار الرياضي! أبسط مثال أنه قال عن صفقة نيمار: اشتري لاعباً بـ 200 مليون؟ لقد أعدت إنشاء ملعب توتنهام بهذا الرقم!
ومن نوادر «ليفي» أن لاعب توتنهام الذي يبدل قميصه مع لاعب فريق آخر بعد المباراة: يقوم بدفع ثمنه حسب رواية مهاجمي الفريق، وهذا منذ سنوات عندما كان النادي يبني نفسه مالياً وفنياً فرأى أن التقشف هو الحل، أما الآن فلا، الآن تحت قيادة «ليفي» توتنهام يبني إستاده الخاص، والنادي يمتلك قدرة تمويلية تقدَّر بـ4.8 مليارات يورو! .. الرئاسة «صنعة»!
إياك أعني يا جارة!
عندما يكون مدير النادي ورئيسه لا يفرِّق بين تسيير شركة وتسيير ناد فإن النتيجة أنه « يوحل» النادي في ديون، قضايا، مخالفات مالية، فضائح إعلامية، خصم نقاط، تهبيط! لأنه ببساطة يعتبر النادي شركته، يمكن أن تتصرّف في شركتك كما تشاء مالياً، تخفي أرباحاً، تتلاعب في أرقام وحسابات!- مثلاً- بينما أنت مطالب في رئاسة النادي بالشفافية المالية أولاً! لأن هناك عنصراً مهماً يغفل عنه كثيرون: وهو الجماهير! والجماهير تعني إعلاماً يسلط الضوء على المخالفات والوضع «الفاسد» مالياً وفنياً، والذي تنتبه له الجماهير... أولاً بأول!