خالد بن حمد المالك
في أجواء ماطرة وأرض اكتساها البياض، وبمتابعة إعلامية غير عادية بدأ الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يومه الأول في زيارته للولايات المتحدة الأمريكية يوم الثلاثاء الماضي وقد ركز فيها على الشراكة، واعتبارها عنواناً رئيساً لزيارته، حيث المصالح المشتركة التي يحرص القادة في الدولتين على تنميتها وتقويتها والتأكد على أنها خيار استراتيجي لا غنى لأي طرف عنه.
* *
ففي لقاء الأمير محمد بالرئيس ترامب في البيت الأبيض، قال الأخير إن العلاقات الأمريكية - السعودية هي الآن أفضل من أي وقت مضى، مشيداً بصداقته مع ولي العهد، ووصفها بأنها عظيمة، وقال ترامب لن نتسامح أبداً مع تمويل الإرهاب، ونعمل مع السعودية بشكل جدي لوقف تمويل الإرهاب، والاتفاق النووي الإيراني سأنظر فيه بعد شهر، وسأتخذ قراري حياله، فإيران لا تتعامل بطريقة جيدة مع دول المنطقة. أفكار الرئيس ترامب ومواقفه تنسجم مع أفكار ورؤى ولي العهد محمد بن سلمان، سواء في نظرتهما للعلاقات الثنائية، أو في الموقف من إيران ومفاعلها النووي.
* *
ولي العهد أسرع بالرد على الرئيس بالقول أننا نحرص على تعزيز علاقاتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأن دعائم صداقتنا قوية، مضيفاً بأن أساس العلاقات مع أمريكا قوي وعميق، وأن المملكة تعمل على خطة لاستثمار 200 مليار دولار بين البلدين، بعد أن تم تنفيذ 50 % من اتفاقاتنا الاقتصادية، أي أن لقاء البيت الأبيض كان بأجوائه وأفكاره قد جسد قيمة إضافية بزيارة محمد بن سلمان إلى العلاقة التاريخية المتجذرة بين المملكة وأمريكا.
* *
الزيارة الأميرية كانت فرصة لولي العهد ليلتقي بعدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، كما كانت الفرصة سانحة ليتفق سموه خلال لقائه مع رئيس مجلس النواب بول رايان وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتشن ماكونيل على مواجهة التهديد الإيراني ومكافحة التطرف، إذ إن هذين الموضوعين المرتبطين ببعضهما لا يأخذان حيزاً من اهتمام المملكة فقط، وإنما تشاركنا واشنطن نفس الاهتمام، كون إيران والتطرف وجهين لعملة واحدة، ضررها لا يقتصر على دول المنطقة فقط، وإنما يمتد إلى أمريكا وكل الدول التي تصنفهم إيران على أنهم أعداء لسياساتها.
* *
زيارة الأمير وجدها الرئيس الأمريكي فرصة ليعلن أن زيارة قريبة للملك سلمان سيقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا يعطي مؤشراً على اهتمام أمريكا بالمملكة وحرصها على استمرار التواصل معها، تحقيقاً للاستراتيجية المشتركة في التعاون بين الرياض وواشنطن، بعضه ما تم الإعلان عنه، وبعضه الآخر ما ترك للوقت المناسب بحسب ما تمليه المصلحة المشتركة للدولتين.
* *
أمامنا من الوقت لاستكمال الزيارة حتى السبت القادم، وهي مدة الزيارة الرسمية للأمير، لكن سيليها جولة ولعدة أيام على عدد من الولايات الأمريكية يلتقي خلالها بالشركات الأمريكية العملاقة، وبرجال الأعمال الكبار، للاتفاق على تعميق الشراكة الاستثمارية هنا وهناك، حيث الفرص الاستثمارية المهيأة بالمملكة في أجواء من الانفتاح وأنظمة الحماية والسوق الاستثماري الكبير، وحيث رؤية المملكة 2030 التي تنظم دخول الشركات ورأس المال الأمريكي للاستثمار في المشروعات الكبيرة التي أعلن بعضها.
* *
العلاقة السعودية - الأمريكية ليست أمام اختبار، فهي علاقة تاريخية بامتياز، ولا غنى لأي منهما عن الآخر فضلاً عن أن مثل هذا التنسيق، وهذه الشراكة، والزيارات المتبادلة، إنما هي جهود لإبقائها قوية، وعمل قصد به توسيع فرص التعاون، في ظل أجواء من الثقة والالتزام بما يتم الاتفاق عليه بين دولتينا، لاسيما وأن هناك مؤشرات على أن تطورات كبيرة قد استجدت في العلاقات وسوف تثمر عنها زيارة ولي العهد.
- يتبع -