«الجزيرة» - الثقافة:
حين يتأثر الكاتب بما يجري من حوله، يكون للكتابة أثر، والأجمل من ذلك حين يسعى الكاتب إلى أن تكون كتاباته مزيجاً من الواقع والخيال. فالواقع الذي نعيشه بكل أحواله ومتغيراته يفرض علينا أن نعيش بحالات مختلفة من المشاعر، والخيال يأخذ الروح بعيداً عن مشاغل ومتاعب الحياة.
الروائي والأديب السعودي أحمد أبوحيمد، والذي أصدر روايته الجديدة (الخروج من الظلام) ضمن الروايات المعروضة في معرض الكتاب الدولي في الرياض، يروي لنا شيئاً من حياته الأدبية.
تجربتك في الكتابة أوجدت لك أربع مؤلفات، ماذا عن البدايات؟
بدأت الكتابة قبل نحو 25 عاماً عبر ملحق صحيفة الرياض الأدبي والذي كان يصدر كل خميس، كانت كتاباتي آنذاك تتنوع بين كتابة القصة القصيرة والشعر وترجمة بعض القصص من الإنجليزية إلى اللغة العربية. بعد ذلك شاركت في مسابقة القصة القصيرة التي أقامتها جمعية الثقافة والفنون بالدمام عام 2004 وفازت قصتي بالمركز الثاني، فكان فوزي أول اعتراف رسمي بهويتي في الكتابة الأدبية. بعد ذلك صدرت لي أول رواية بعنوان: «الظلال، فصول بمذاق انسان»، عن دار رياض الريس بلبنان عام 2008. وكان لصدورها أثر كبير في أن أكتب عن تجربتي كطالب مبتعث إلى لندن وصدر هذا الكتاب بعنوان: «نحو المجهول»، وقد صدر عن دار العبيكان للطباعة والنشر عام 2009. بعد ذلك صدرت لي مجموعة قصصية بعنوان: «في المقهى»، عام 2011 وقد تبناها نادي المنطقة الشرقية.
مرت بي مرحلة من الفتور والعزلة دامت 9 سنوات تقريباً ولكن بحمد الله أنها لم تستمر فعدت إلى القراءة والكتابة وكان ثمرة ذلك صدور روايتي الأخيرة قبل شهر: «الخروج من الظلام»، وقد تبناها مشكوراً نادي حائل الأدبي.
ما الذي يشجعك على الكتابة؟
يمر الإنسان في دروب الحياة، دروب مختلفة وطويلة، والبعض منها يشهد عدة مواقف يضطر الإنسان حينها للتوقف قليلاً، يجلس على المقعد وحيداً ويتأمل ما خطته السنوات على جدار روحه، ويمتد هذا التأمل ليشمل مظاهر الحياة من حوله، فجأة تلتقي ذكرى قديمة مع قطرة مطر أو ورقة صفراء تدفعها الرياح فتمتلئ روحه عندها برؤى وبوح ولا يوجد مكان يتسع لهذا البوح إلا الورق. فدروب الحياة بطولها وبمحطاتها المختلفة تبعث في نفسي الرغبة في الكتابة.
إذن هل من الممكن أن نقول إن روايتك: (الظلال، فصول مذاق إنسان)، هي رواية تحكي عنك في دروب هذه الحياة؟
يستمد الروائي قصصه وشخصياته من البيئة التي حوله، هو يقدم صورة أخرى للمجتمع بشخوصه، ولهذا ليس بالضرورة أن تكون روايتي (الظلال) سيرة ذاتية. إمبرتو إيكو يقول: «بطريقة ما أعتبر أن كل رواية سيرة ذاتية». فالروائي حينما يخلق شخصية في عمل روائي، فإن هذه الشخصية تستمد بعض سماتها من كاتبها.
عن روايتك الأخيرة: (الخروج من الظلام)، لماذا هذا العنوان؟
بطلة الرواية ليلى، مرت بظروف قاسية في الحياة، هي خرجت من رحم أمها المظلم إلى النور، وكانت في طفولتها تضحك كأي طفلة، لكن قسوة الحياة فرضت عليها أن تمر في طرق وعرة ومظلمة. أستطيع أن أقول إن (الظلام) رمز لتحولاتها في الحياة وصيرورتها تجاه مرافئ الألم. وبرغم أنها نضجت مع هذا الألم فترة من الزمن، إلا أنها لم تستطع أن تكمل، فخارت قواها وفقدت كثيراً من لحظات جميلة كان يفترض أن تعيشها مع والديها، في الأخير خرج من رحمها ما يساعدها في الخروج من الظلام.
موقف أو مشهد في الرواية أخذ منك وقتاً طويلاً لكتابته أو وصفه؟
أولاً أشكرك على هذا السؤال، أشكرك بالفعل. وأنا أكتب، كانت لدي رغبة أن تحقق بعض المشاهد ذلك التأثير الوجداني على القارئ، والقارئة تحديداً لأن البطلة فتاة، فأذكر كتابتي لمشهد ولادة ليلى واستقبالها لطفلتها لأول مرة وهي الولادة التي سبقتها أحداث وحمل فُرِض عليها.
مشهد آخر حين دخلت ليلى السجن وحاولت الحاضنة أن تجعل ليلى تتقبل ابنتها بعد انكشاف الأمور. هذا المشهد تخيلته أمامي كثيراً. أتمنى أني وفقت في وصفه.
هل الرواية واقعية؟ أو إلى أي حد يرتفع سقف الواقع فيها؟
الاسم متخيل، والأحداث يمتزج بعضها بالواقع مع الخيال. في بعض المشاهد، يرتفع سقف الواقع إلى حد كبير، ومشاهد أخرى كثيرة أخذتها من عالم افتراضي ومتخيل.