خالد بن حمد المالك
استبق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زيارته الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية بلقاء مع قناة (C.B.S) الأمريكية من خلال برنامجها الشهير (60 دقيقة) للإعلامية المشهورة (نورا أودونيل)، فتحدث سموه كما لم يتحدث من قبل، وكان واضحاً أنه تعمَّد أن يرسل للشعب الأمريكي ولشعوب العالم رسالة قوية ومباشرة مفادها أن المملكة تتغير بسرعة، وأنها تستعيد وضعها الطبيعي، وأنها الآن غيرها بالأمس، وأن اختطاف وسطيتها لم يعد كما كان.
**
يبدو أن الأمير أراد من هذا اللقاء الإعلامي المهم أن يكون مدخلاً أو تمهيداً أو توطئة للزيارة التاريخية التي يقوم بها لأمريكا، ولما يمكن أن يقال عنها، وهي رسالة ذكية من الأمير محمد إلى الأمريكيين والعالم، أراد بها أن يؤكد على أن المملكة تتغير نحو الأحسن، وأنها تمضي قدماً كما تفعل الدول الأخرى، دون أن يكون للتطرف والتزمت والإرهاب أي تأثير، أو قدرة على إعاقة هذا التوجه.
**
في لقائه مع (نورا أودونيل) هناك مضامين كثيرة ومهمة تلامس توجهات الشعب الأمريكي وتنسجم مع اقتناعات كل شعوب الأرض، مراعية حقوق الإنسان بالمملكة، ومتيحة له الفرصة ليكون إنساناً فاعلاً ومنتجاً ومؤثراً وصاحب رأي وموقف في كل ما له صلة بحياته واستقراره، يتساوى - بحسب ما قاله الأمير- الرجل والمرأة، أي أننا نعود إلى ما كنا عليه من تسامح ووسطية واعتدال وقبول الآخر.
**
خطف حديث الأمير الأضواء، وكان الحدث الأول في اهتمام وسائل الإعلام، وأخذ الصفحات الأول بالصحف والأول في عناوين الفضائيات، وكُتب عنه من المقالات ما لم يُكتب عن غيره، نسبة لأهميته، والمضامين التي صارح العالم بها، بما يؤكد أن هذه الإصلاحات التي تمس جسم الدولة لن تتوقف، طالما هناك شريان ينبض في قلب الرجل القوي.
**
يقول الأمير: لن يوقفني عن الإصلاحات إلا الموت، وأننا في المملكة كنا نعيش حياة طبيعية للغاية، وبعد أحداث عام 1979 أصبحنا ضحايا التطرف، وقد أعطيت النساء السعوديات حقوقاً جديدة، بما في ذلك الانتماء إلى الجيش، وحضور الحفلات الموسيقية، والأحداث الرياضية، وقيادة السيارة، ونعمل على مساواة راتبها بالرجل، مضيفاً بأن لدينا متطرفين منعوا الاختلاط بين الجنسين بأفكار تتناقض مع طريقة الحياة في زمن الرسول والخلفاء، ويقول بأن جماعة (الإخوان المسلمين) غزت المدارس السعودية، وسوف نقضي على عناصرها تماماً في فترة قصيرة. هذا بعض ما تحدث به الأمير الشجاع ليصحح أوضاعاً مأساوية مرت بنا على مدى أربعين عاماً تقريباً.
**
ولي العهد لا يكتفي بذلك، فلديه رسائل كثيرة عن السياسات في عهد الملك سلمان، فإيران -يقول الأمير- ليست نداً للسعودية، وخامنئي (هتلر) الشرق الأوسط، والفكر الإيراني تسلل لأجزاء كبيرة من اليمن، وإيران تؤوي عناصر (القاعدة) وترفض تسليمهم. هكذا تتعامل المملكة مع من يعتقد أن إيران دولة قوية ومخيفة، فيما يراها الأمير بأنها دولة جعجعة وإعلام رخيص.
**
ومن العناوين البارزة في لقاء الأمير مع القناة الأمريكية قوله: ما قمنا به في (الريتز) كان ضرورياً، ويتطابق مع القوانين، وأن الهدف من ذلك لم يكن لجمع المال فقط بل إنه لمعاقبة الفاسدين، وفي عنوان آخر قال إن على المرأة أن ترتدي ملابس محتشمة كالرجل، وأنه لا يحدد عباءة المرأة أو غطاء رأسها باللون الأسود؛ أي أن الأمير بصراحته المعهودة أراد أن يضع العالم أمام المستجدات والتطورات الإيجابية التي تمر بها المملكة، بما يجعل صورتها جميلة في أعين شعوب العالم، ويمكن المواطن السعودي من الحصول على حقوقه في حياة طبيعية.
**
كان هناك لغط يدور حول (يخت) سمو الأمير، من أعدائه وأعداء المملكة، مستكثرين عليه أن يمتلك يختاً، بينما هناك مواطنون خليجيون - وسعوديون ومن دول العالم يملكون يخوتاً وطائرات، ولم يقل عنهم ما قيل ويتردد عن الأمير محمد بن سلمان، وكان هذا هو أحد محاور القناة الأمريكية في لقائها مع الأمير الذي أجاب عن سؤال حول ذلك بالقول: أنا لست فقيراً، ولست مانديلا أو غاندي، أنا من عائلة مالكة تواجدت منذ مئات السنين، وأصرف %51 من دخلي على الناس و%49 على نفسي.
-يتبع-