د. خيرية السقاف
من يسعى إليك في أحزانك كالإناء الزجاجي..
يلمُّ فيه دمعك، يحفظ فيه ألمك، يُبْقي فيه نبضاتك، يحتوي به ولهك..
في جلوسه إليك ترى فيه ندى دموعك رطباً به مُحيَّاه،
وجبْر ألمك أزْرا في حديثه ومعناه..
الساعي لك حين تفرغ مجالسك من رفيق، أو قريب، أو حبيب يملأ المكان بروحه،
يفي للفقد بحضوره،
يعزز وعيك لتطمئن، يقرُّ عاصفتك لتهدأ، يجمع شتاتك لئلا تتوه،
ويسبل عليك نعيم وفائه لتفر عينك، ويهدأ وجيب قلبك..
والذي يفعل في التو طرية أحزانك فإنه بعد أن ينفض الجمع يواليك،
لا يقصي عنك، لا يجافي مواعيده إليك،
في أهبة الحضور بجناحي صدقه ماثلاً..
هو الذي لا تتبخر دموعك في إناء ذاته، ولا ينمحي ألمك في عمق ذراته..
آلامك لا تتبخر، أحزانك لا تنطوي،
فقدك يكبر لا يصعر،
دمعك يدرُّ لا يفرُّ،
عيناك يهجر جفناها بعضهما،
مع يقينك بالقضاء، وصبرك بلا انقضاء
أنت لست وحيداً بعد أن يمضي الرفيق، والحبيب، والصديق، والقريب..
ثمة أناس في الحياة هم الحياة..
إنهم لك الإناء الزجاجي الشفيف..
إن شئت أن ترى نفسك فانظر إلى ما فيه!!..