د. جاسر الحربش
كتّاب الرأي والمتخصصون في التحليل الاجتماعي والسياسي لا علاقة لهم بالإعلام، سواءً الصحفي أو الفضائي. الإعلام كمفهوم احترافي مهنة محكومة بعلاقة الإعلامي مع مؤسسة قد تكون من المنظومة الإعلامية الرسمية وقد تكون ضمن الإعلام التجاري في القطاع الخاص. الممارس الإعلامي يتحرك داخل إطار الاجتهاد والمهارة في إبراز النواحي الإيجابية لمنظومته أو مؤسسته وتقديم صورة جيدة عنها لمستهلك ومتلقي المادة الإعلامية، وقد تكون له بعض الصلاحية في تقديم نقد إيجابي ملطف، لإعطاء نكهة محايدة ذات مصداقية عند الطرفين، المؤسسة والمواطن .
هكذا نستطيع القول بأن توماس فريدمان وديفيد اجناتيوس ومورين داوود وكتّاب الرأي في ديرشبيقل الألمانية ولاستامبا الإيطالية ولوفيقارو الفرنسية، كلهم كتّاب رأي وليسوا محسوبين على الإعلام بشقيه الرسمي أو الخاص. الالتزام الجامع بينهم هو تقديم خدمات وطنية إيجابية لمجتمعاتهم، في الداخل لإصلاح الأوضاع التي ينتقدونها وفي الخارج لمنافسة زملاء المهنة في الدول الأخرى في مجال حريات الرأي المكفولة داخل الدولة والمؤسسة والمجتمع، ودائما ً يكسب المجتمع والوطن صاحب أكبر قدر من الحريات المكفولة .
كنت قبل أيام في اجتماع صدفة مع بعض الزملاء العاملين في الصحافة وكتابة الرأي وتطرق الحديث المتشعب حول مجالات التعاون والتنسيق بين كتّاب الرأي وزملائهم في الإعلام الصحفي والفضائي . اقترح البعض عقد اجتماعات شهرية أو نصف شهرية لتبادل الأفكار حول التنسيق بينهم وبين وزارة الإعلام لحثها على تزويدهم بالمعلومات السريعة المواكبة للأحداث بهدف تسهيل مهمة العاملين في الإعلام الورقي والفضائي في تزويد المتابع بآخر المستجدات قبل أن تصبح من أخبار الأمس، ولتمكين كتّاب الرأي والمحلِّلين للقضايا السياسية والاجتماعية من تفكيك المعلومات وربط الأحداث مع بعضها البعض بطريقة منطقية تزيد في وعي المواطن وقناعاته الوطنية والتنموية، ولتقديم الصورة الحقيقية الإيجابية عن نهضتنا التنموية الوطنية والتصدي للإعلام المشوّه والمعادي في بعض الفضائيات والصحف الأجنبية والإقليمية وأحياناً العربية.
في تلك الجلسة القصيرة أعجبني رأيان محددان طالب أحدهما بتوفير المعلومات السريعة والكافية من الجهات الرسمية بهدف اعتمادها في النشاط الإعلامي المنسق، وطالب الآخر باعتبار كتّاب الرأي والتحليل السياسي والاجتماعي مجرد حلقات وصل بين الدولة والمجتمع مطلوب منهم إنصاف الطرفين بدون مجاملة لطرف على حساب الآخر، أي أن كتّاب الرأي لا علاقة لهم بالإعلام .