عروبة المنيف
لا نستطيع إنكار الحراك الذي تقوم به وزارة التعليم ومنذ عدة سنوات بهدف تطوير التعليم في المملكة وتحقيق رؤية 2030، فالإنسان هو الهدف في نهاية المطاف وهو المحرك ومحاولات تطوير مهاراته ومعارفه لمواكبة سوق العمل وتحقيق الرفاه الاجتماعي تسير بالاتجاه المرسوم وذلك من خلال تضافر كافة الجهود الوطنية التي تصب في هذا الاتجاه.
إحدى الأسس المتبعة في تطوير التعليم العام هي عملية التقييم وأحد الأساليب المتعارف عليها هو أسلوب المشاركة في الاختبارات العالمية، لفعاليتها في قياس مستوى العملية التعليمية مقابل الدول الأخرى المشاركة في الاختبارات، فهي تعتبر فرصة لتطوير التعليم من خلال عملية المقارنة، «The benchmarking»، إحدى مبادئ تطبيق إدارة الجودة الشاملة. تلك المقارنة هي مؤشر يقيس مستوى التعليم لدينا أمام الدول المتفوقة في تلك الاختبارات وبالتالي يدعونا للتساؤل، ما الأسباب التي جعلتهم يتقدمون علينا؟ وما هي الأدوات والآليات المتبعة لديهم للارتقاء بالعملية التعليمية وغفلنا نحن عنها؟ وما السبل الكفيلة بمواكبة تلك الآليات والأدوات، وكيفية تطويعها بما يتلاءم مع ثقافتنا؟.
إن الخطوة التي تتهيأ لها وزارة التعليم للمشاركة في اختبارات ال PISA « البرنامج الدولي لتقييم الطلبة»، تعتبر خطوة جريئة، حيث تهدف إلى تقييم الوضع التعليمي الحالي للمملكة مقارنة بتلك الدول، لا من أجل ترتيبها في القائمة بل من أجل وضع اليد على مكامن الخلل في العملية التعليمية برمتها بدءا من المنهج إلى الأساليب التعليمية إلى المعلم، بهدف النهوض بمستوى التعليم العام والخروج بمؤشرات ومعايير لتطوير النظام التعليمي.
لقد تشرفت بلقاء معالي وزير التعليم في مؤتمر صحفي دعى إليه كتاب وكاتبات الرأي لإطلاعهم على تلك الخطوة الهامة والاستماع لآرائهم.
ولامست خلال اللقاء الدوافع القوية من معاليه ومن منسوبي الوزارة المشاركين في اللقاء لدخول تلك التجربة، على الرغم من حصول المملكة على نتائج تعتبر» تحت المتوسط» في اختبارات تعليمية دولية أخرى كاختبار TIMSS «اختبار الاتجاهات العالمية في دراسة الرياضيات والعلوم» واختبار ال PIRLS «الاختبار الدولي لقياس مدى التقدم في مهارات القراءة»، وهذا ما صرح به مسؤول الاختبارات في المؤتمر الذي عرض الإحصائيات بمنتهى الشفافية إلا أن ذلك لم يثنِ الوزارة عن الدخول في اختبار الPISA الدولي والذي يركز على ثلاثة مجالات أساسية وهي، القراءة، والرياضيات، والعلوم ويقيس مهارة حل المشكلات في تلك المجالات بدون التركيز على محتوى المناهج المتعلقة بها ما يؤكد على أن الطلاب يحتاجون إلى التركيز على تطوير مهارات ومعارف يمارسونها في حياتهم اليومية.
ويستهدف الاختبار من هم بعمر الخامسة عشر عاماً للتأكيد على أهمية مقدرة النشء في مواجهة تحديات الحياة.
لفت انتباهي ردود بعض الطلبة المتفوقين في مهارات القراءة في الدول التي فازت بمراكز متقدمة في الاختبار كشنغهاي واليابان وكوريا وفنلندا وآيسلندا، فقد صرح الطلبة بأن والديهم كانوا يقرؤون كتاباً معهم منذ الصف الأول الابتدائي يومياً! تلك التجارب تجعلنا نتفكر في ضرورة تبني برامج تعليمية تحفز على القراءة الحرة، ولا سيما أن أبواب معرض الكتاب مفتوحة هذه الأيام تدعو المعلمين والآباء والطلبة والطالبات للنهل من كنوزه، فالكتاب هو النور الذي يرشد إلى الحضارة.