م. خالد إبراهيم الحجي
إن الذكاء الاصطناعي هو محاكاة القدرات الذهنية البشرية في التعلم والاستنتاج وردود الأفعال المناسبة، ويسمى أحياناً بالذكاء الآلي الذي يقصد به الأجهزة التي تدرك الواقع المحيط بها وتتخذ إجراءات عملية لتحقيق الأهداف والنتائج وإنجاز الأعمال المطلوبة منها؛ وباختصار شديد هو علم وهندسة صنع الآلات الذكية. واستخدام آلات الذكاء الاصطناعي يتطلب التعامل مع كمّ كبير جداً من البيانات والمعلومات بالسرعة الفائقة التي يعجز العقل البشري عن الإلمام بها، وتُمكنه من الاستفادة القصوى منها ومن تطبيقاتها في الحياة العملية، مثل:
(1): الإنسان الآلي (الروبوتات) الذي يحقق الإتقان ويوفر الوقت والجهد بدلاً من المجهود العضلي للإنسان في خطوط الإنتاج دون حدوث أخطاء بشرية.
(2): الطائرات بدون طيار (الدرونز)؛ التي يتم التحكم فيها عن بعد، وقد كان أول ظهور لها في فيلم الخيال العلمي الشهير حرب النجوم «ستار وور» عام 1977م الذي دارت أحداثه حول معركة بـ»الدرونز» مع كائنات فضائية في مجرة فلكية أخرى، ثم أصبحت حقيقة تستخدم على أرض الواقع لأغراض مدنية، مثل: التاكسي الطائر وتوصيل طلبات المنازل وتصوير حركة المرور لمتابعته. ولأغراض أمنية في رصد تحركات الإرهابيين على الأرض لملاحقاتهم والقضاء عليهم، ولأغراض عسكرية في رصد مواقع العدو الإستراتيجية وقصفها.
(3): السيارات ذاتية القيادة (أوتونموس) التي تعتبر أم الذكاء الاصطناعي لأنها نموذج مثالي يجمع عدداً من تطبيقات الذكاء الاصطناعي المختلفة في منظومة واحدة؛ لديها القدرة على السمع والبصر، والتعرف على الطرق والاتجاهات والوقوف الصحيح، والتجاوز والتفاعل الفوري السليم مع الحالات المرورية المختلفة التي تحقق القيادة الآمنة.
وبحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتطوير «أو.سي.إي.دي» التي أسستها (35) دولة عام 1961م لتنشيط التقدم الاقتصادي والتجارة العالمية؛ فإن الدول التالية بالترتيب اليابان وكوريا وأمريكا وتايوان والصين حصلت على (87) في المائة من براءات الاختراع في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي خلال الفترة (2012م- 2014م)، وهي أكبر نسبة في العالم.
وتأتي اليابان على رأس الدول وفي مقدمتها حيث تصل نسبتها في براءات الاختراع إلى (33) في المائة، وأدناها الصين التي تصل نسبتها إلى (8) في المائة، ومع أن ترتيب أمريكا يأتي في وسط الدول الخمس إلا أنها تحتل المرتبة الأولي في استقطاب مواهب الذكاء الاصطناعي بين دول العالم في الوقت الحاضر.
وبعد أن كانت الصين تعتمد على الأيدي العاملة الرخيصة راقبت باهتمام شديد قفزات العالم الغربي في طريق التقدم والتطور التكنولوجي ودخلت بقوة في سباق التكنولوجيا، وساهمت فيه، ونافست الدول الصناعية الكبرى بشركات التكنولوجيا الصينية العملاقة مثل «بايدو وعلى بابا وتنسينت» التي ساهمت بنسبة (42) في المائة من إجمالي رؤوس الأموال المستثمرة في هندسة صنع الآلات الذكية خلال عام 2016م، وصعد الاقتصاد الرقمي (الاقتصاد القائم على تكنولوجيا المعلومات) في الصين وارتفع ليمثل (30) في المائة من نسبة ناتجها المحلي الإجمالي (جي.دي.بي) الذي بلغ (6.9) في المائة لعام 2016م.
وأصبح إنتاج تصنيع آلات الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من المكونات الرئيسية للاقتصاد الصيني الرقمي القائم على تكنولوجيا المعلومات.
والصين تهدف لأن تصبح الدولة الرائدة في العالم في مجال تصنيع وإنتاج آلات الذكاء الاصطناعي، وتسعى إلى رفع القيمة المالية لهندسة تصنيع آلات الذكاء الاصطناعي فيها إلى 150 مليار دولار بحلول عام 2030م.
وعصر استخدام آلات الذكاء الاصطناعي سيصبح واقعاً مفروضاً لا مفر منه؛ يزداد وينتشر بسرعة البرق في التطبيق العملي على أرض الواقع في دول العالم، وقد تنبأ الرئيس الروسي «فلادمير بوتن»* وصرح بأن «الذكاء الاصطناعي هو مستقبل البشرية، وأن الدول التي ستحقق ابتكارات وتحتل الصدارة في سباق الذكاء الاصطناعي ستتبوأ مقعد الزعامة على المسرح العالمي».
في حديثه يوم المعرفة الروسي الموافق 1 سبتمبر2017م.