فوزية الجار الله
حالما قرأت خبر وفاة ستيفن هوكينغ استعدت شذرات منه في الذاكرة، ووجدتني أتجه تلقائيًّا لمزيد من القراءة والاطلاع حوله.. كان المذهل في الأمر أن يقودني البحث إلى التعرف على واحد من علمائنا العرب الرائعين، هو الدكتور البروفيسور محمد باسل الطائي، وهو أستاذ الفيزياء الكونية في جامعة اليرموك في الأردن. اطلعت على لقاء تلفزيوني معه، أجراه د. محمد العوضي، وتساءلت بحرقة: أين علماؤنا العرب اليوم؟ وما الذي فعلناه لأجلهم حتى هذه اللحظة فيما يختص بتقديرهم، والاستفادة من علومهم، ومنحهم الفرصة لبناء أجيال أخرى أكثر اطلاعًا ومعرفة؛ وبالتالي نجاحًا في بناء أوطانهم؟! لقد أغرقتنا الحروب والمشكلات السياسية التي لا تنتهي حتى تبدأ عن الالتفات لما هو أهم وأقوى وأكثر فاعلية لبناء المجتمعات والأوطان.
أعود إلى ستيفن هوكينغ العالم البريطاني المولود عام 1942م، الذي قام بإنجازات رائدة في الفيزياء وعلم الكونيات. وكما يعلم الكثير من المهتمين والمطلعين، فقد أُصيب بمرض عصبي حين بلغ الثانية والعشرين من عمره؛ وأخبره الأطباء بأنه لن يعيش أكثر من عامين، إلا أنه عاش بعد ذلك أكثر من خمسين عامًا، قضاها في التأمل والبحث والإنجاز بشكل مذهل رغم إعاقته، أيضًا أنجب طفلين في بداية زواجه، ولدًا وبنتًا..
هوكينغ هو أكبر أبناء فرانك وإيزوبيل الأربعة. كانت عائلته بأكملها عائلة مفكرة؛ فقد التحقت والدته بجامعة أكسفورد في الثلاثينيات، ووالده أيضًا خريج أكسفورد، وكان باحثًا طبيًّا مرموقًا، وبشكل خاص في الأمراض الاستوائية. يُقال إن العائلة بأكملها كان أفرادها يتناولون الطعام بصمت، وكل منهم غارق بقراءة كتاب..
دخل هوكينغ جامعة أكسفورد وهو في السابعة عشرة من عمره، وكان يرغب في دراسة الرياضيات، لكنه اتجه إلى الفيزياء..
يقول هوكينغ إن معدل تركيزه اليومي على دراسته ساعة واحدة فقط، ولم يكن يحتاج إلى وقت أكثر. وقد تخرج عام 1962م بمرتبة الشرف في العلوم الطبيعية، وتابع دراسته؛ ليصبح طالبًا في جامعة كامبردج للإعداد لشهادة الدكتوراه في علم الكونيات. وفي عام 1968م أصبح عضوًا في معهد علم الفلك في جامعة كامبردج ذاتها. وفي عام 1974م أصبح شخصية مشهورة في العالم العلمي؛ إذ بيَّن أن (الثقوب السوداء ليست هي تلك الفراغات الخالية من المعلومات، كتلك التي كان العلماء ينظرون إليها على هذا النحو).
هذه فقط بعض نقاط الضوء المهمة في حياة ستيفن هوكينغ الذي رغم عبقريته واستغراقه في البحث والتأمل لم يكن يرى أن لله دورًا في خلق الكون، لكنه لا ينفي وجوده كما يقول عنه العالم العربي البروفيسور محمد باسل الطائي الذي يرى أن «هوكينغ» ذاته آية من آيات الله، ورغم أنه ملحد فقد اكتشف أشياء كثيرة، وأيضًا بالرغم من ضعفه البدني إلا أنه جريء جدًّا، وصاحب مواقف إنسانية كثيرة. وهو في حالته تلك مثال على عدم اليأس، وعلى أن الله على كل شيء قدير.