رجاء العتيبي
نحن اليوم في زمن الجماهير، وهو زمن يحتفي بالجماهيري على حساب النخب، قد يكون الإنسان الجماهيري (مسطح) لا يملك شيئا ذَا بال، ولكن الذين يتبعونه كثر، وحتما يشبهونه.
الفنون التقليدية مثل المسرح والرواية والقصة والطربيات... لا يتعامل معها (جماعة الحمقى) باعتبارها تدخل ضمن النطاق النخبوي، هكذا طبيعتها، وهكذا شكلها، لذلك لن يكون لهذا النوع من الأعمال حظًا في هذا الزمن حتى لو حدثتها وطورتها وجملتها.
الحظ اليوم خطفه الإنسان الجماهيري حتى لو قدم (السماجات)، حجز مكانة لا يتوقعها بفعل وسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية، وهي معضلة باتت على نطاق واسع، تخيلوا فتاة عربية تغني أغنية تافهة بشنب ولحية سكسوكة، ومشاهداتها على اليوتيوب بالملايين، حتى بعض المعلقين، بأتعس أغنية على مر الطرب العربي.
يبدو أن الفنون الراقية والأدب الرصين والعمق الفكري، مرحلة وانتهت، لن يكون لها حضور حتى لو أقمنا لها المهرجانات والندوات والمناسبات.
قبل سنوات كان مشروع (النقد الثقافي) للدكتور/ عبد الله الغذامي يثير الجدل في الوسط الثقافي ويحتفي به معرض الكتاب، وتقام له الندوات، واليوم (مشروع: شي ولا ش) هو قضيتنا بين مؤيد ومعارض وكأن التسطيح شمل الكل.
الإنسان إذا لم يكن واجهة حضارية للوطن لا فائدة منه، وإذا لم يكن ثروة وطنية يكون خسارة علينا.
إذا لم تبادر هيئة الثقافة بصناعة النجوم والمواهب وتدعمهم جماهيريا، وإلا جاء من يقودها باتجاه آخر غير الذي نريد.
ليس من المنطق أن نرتهن لمشاهير السوشال ميديا، طالما الجهات الرسمية تملك المال والقرار لتغيير المعادلة، وصناعة جيل يكون (ثروة وطنية) وهي مخرج نهائي لكل مشروع وطني، ويكفي أن نقرأ كتاب (ثروة الأمم) لآدم سميث لنعرف أهمية ذلك.
علينا أن نعمل على فنون العصر، ونتماهى مع كل ماهو جماهيري واقتصادي حقيقي وليس مزيف، دون الدخول في جدل غير مفيد، أو منع أحد من التعبير عن مواهبه وقدراته، ولكن اهتمامنا يكون منصبًا على (المواهب الحقيقية وليس التافهة) وتلقائيا ستختفي التوافه طالما هناك من يبرز الحقيقي.