«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
عثرت أسرة في أستراليا على أقدم رسالة داخل زجاجة، وذلك بعد مرور نحو 132 عاماً من إلقائها في مياه البحر، بحسب ما قاله خبراء أستراليون: إن امرأة تُدعى تونيا إيلمان عثرت على الزجاجة أثناء سيرها قرب شاطئ ناءٍ في أستراليا الغربية. وأكد الخبراء أن الرسالة أصلية وألقتها سفينة ألمانية. وتعود الرسالة إلى 12 يونيو/حزيران عام 1886م حين ألقيت من فوق ظهر السفينة «باولا» الألمانية، كجزء من تجربة في المحيط والطرق الملاحية من جانب المرصد البحري الألماني. هذا ملخص للخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء في العالم مؤخراً ونشرته أيضاً صحيفتنا العزيزة «الجزيرة» لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل حقاً هذه أقدم رسالة تم العثور عليها؟ بالتأكيد لا فحسب المراجع التاريخية تعد الرسالة التي ألقاها كريستوفر كولمبس وكانت في زجاجة وهو في طريق عودته من جزر الإنديز وكانت الرسالة موجهة إلى الملكة إيزابيلا الأولى ملكة إسبانيا أيامها وقد عثر قبطان على الزجاجة بالقرب من مضيق جبل طارق وحمل الرسالة بنفسه إلى ملكة إسبانيا وكانت الملكة إيزابيلا الثانية أي بعد 359 عاماً من يوم أن أودعها كولمبس مياه البحر وكانت هذه الرسالة الكولمبسية هي أطول رسالة مرت عليها 3 قرون ونصف القرن تقريباً حتى تم العثور عليها من قبل القبطان، أما أسرع رسالة زجاجية فهي كانت تلك التي أرسلت من جزيرة نيو فوند لاند ووصلت إلى دونيجيال بايرلندا في خلال 33 يوماً فقط أي أن الزجاجة قطعت هذه المسافة بسرعة 80 ميلاً في اليوم الواحد. وحسب رأي الخبراء فإن الرسائل الزجاجية عادة لا تسير بسرعة ويقدر متوسط سرعتها باثنى عشر ميلاً في اليوم.. أما أطول رسالة زجاجية فهي تلك التي قطعتها رسالة زجاجية أودعت في بحر ميناء ملبورن بأستراليا عام 1952م فقطعت نصف محيط الكرة الأرضية في 3 سنوات ونصف السنة.
والمثير للحزن أن رسائل زجاجية حملت أخباراً وحكايات حزينة ومؤسفة جداً، فلقد وقع حادث محزن وأليم في نوفمبر عام 1933م، إذ غرقت الباخرة «ساكسبلي» التي كانت محملة بالبضائع على مسافة 400 ميل غربي ايرلندا وكان على سطحها 26 بحاراً وعاملاً ولم يسمع أحد عنهم شيئاً إلا بعد أن انقضى عامان ونصف العام، ففي يوم 23 أبريل سنة 1936م عثر شخص على زجاجة على شاطئ ويلز فوجد بداخلها رسالة كتبت على عجل وكان هذا نصها «ساكسبلي تغرق الآن على مسافة من الشاطئ الإيرلندي، أبعث بحبي لاخوتي واخواتي ودينا - جو اوكين. وكانت هذا آخر كلمات خطها قلم أحد البحارة وهو يعلم أنه مقضي عليه بالموت مع زملائه.. وقد أراد الله أن تصل رسالة هذا البحار إلى شاطئ بلدته «ابيرافون « فسلمت إلى أهله على الفور.. وتجدر الإشارة إلى أن مزايا الزجاج أنه لا يصدأ ولذلك فإنه يقاوم المياه المالحة في البحار والأمواج العاتية، كما يستطيع أن يبقى متحملاً العواصف والزمن لمدة غير محدودة كما تحملت زجاجة كولمبس عدة قرون. والمدهش أن الرسائل الزجاجية لها جوانب فرح وتحمل أخباراً سارة وحتى تسهم في التعارف ولو بعد حين.. وهذا ما حدث بالفعل فلقد قام المحيط بكل أمانه بأداء الرسالة التي رميت في مياهه، ففي ذات مرة أراد شاب أمريكي أن يتزوج فكتب 15 رسالة يطلب فيها الزواج وأودعها في زجاجات ورماها في البحر وتمضي الأيام فتأتيه الاستجابة من أربع فتيات بالموافقة على الزواج منه.