د. محمد عبدالله العوين
بثت فجر اليوم الاثنين قناة NEWS CBS الأمريكية حوارا مطولا مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في برنامج «ستون دقيقة» «minutes 60 « أجرته المذيعة نورا أودونيل تحدث فيه عن إيران وسياستها التوسعية الرامية إلى الهيمنة على المنطقة العربية، وتدخلاتها عن طريق المليشيات والوكلاء في شؤون الدول العربية، وشبّه علي خامنئي بأدولف هتلر وفكر ولاية الفقيه بالنازية، وقال إن سعيها إلى امتلاك سلاح نووي أمر مرفوض؛ لكن إن نجحت في إنتاج قنبلة نووية واحدة فإننا سنحصل وبسرعة على قنبلة نووية أيضا، مما يعني أن المملكة لن تتحول من امتلاك المفاعلات النووية السلمية إلى عسكرية إلا في حالة امتلاك إيران سلاحا نوويا، والموقف السعودي هنا موقف مبرر ومشروع وفي نطاق سياسة الردع والتعامل بالمثل.
وأشار إلى أن قوتها العسكرية غير محسوبة ضمن الدول الخمس الكبرى في العالم الإسلامي، ملمحاً إلى ما يعانيه الجيش من مشكلات كثيرة تتعلق بالتدريب والتمويل وفقدان الغاية والشعور بخطأ السياسة الإيرانية في تدخلاتها غير المشروعة في الدول العربية، وهو ما عبر عنه الشعب الإيراني بصورة علنية عبر الشعارات التي رفعها المحتجون في الانتفاضة الأخيرة التي عمت معظم المدن الإيرانية.
وحالة الضعف والتململ في الجيش الإيراني صورة لما يعاني منه المجتمع الإيراني كله من علل اقتصادية مزمنة ونقص فادح في الخدمات؛ مما أشاع الاحتقان والكراهية فعم الإحباط والشعور بفقدان الصدق في الوعود التي بشر بها الملالي في ثورتهم بتحقيق المستوى الأدنى من الرفاه الاجتماعي وإصلاح الاقتصاد وتقليص نسبة الفقر التي كانت 20 % ثم زادت في حكمهم إلى أن وصلت إلى 60 %.
وقال إنه لا تكافؤ بين اقتصاد إيران والسعودية التي تعد الرقم 17 ضمن الدول العشرين الأقوى والأكثر تأثيرا في العالم.
ولم تغفل السائلة الذكية عن خطوات الإصلاح الجريئة التي قام بها الأمير محمد تحقيقا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ولعل أبرزها وأكثرها لفتاً للانتباه مقاومة داء الفساد في الجهاز الحكومي، حيث اتبع الأمير سياسة الإصلاح من الأعلى إلى الأسفل خلافا لما كان متبعا سابقا بمعاقبة الصغار وغض الطرف عن الكبار، ولتحقيق الانفتاح السريع والتكيف مع متطلباته عالج عدم القبول عند فئات قليلة بأسلوب « الصدمة « وإحداث شعور بالفشل في المقاومة أو الرفض ؛ لأن الأمر ضرورة لازمة وقد بت فيها ولم يعد ثمة وقت للتأجيل.
وتتكشف لمحات الذكاء والفطنة في الوعي الشديد باختيار القناة والبرنامج والمحاور والمحاورة وتوقيت البث والدعاية التي سبقت البث، وكل ذلك تم بعناية شديدة لتقديم صورة المملكة الجديدة القوية والعصرية والمنافسة والواثقة من مكانتها في الصف الأول بتحقيق مشاريع وتحولات وإنجازات رؤية 2030م.
أما من حيث التوقيت فهذا الحديث الشفاف والجريء يسبق اللقاء المرتقب بين سمو ولي العهد والرئيس ترامب الذي يتوقع أنه سيكون بدءا لمرحلة سياسية جديدة في المنطقة ونهاية لمرحلة مرة مؤلمة من الفوضى.