لبنى الخميس
المشاعر المتضاربة في حياة المراهقين، وتحديداً الفتيات حول مظهرهن ومدى قبولهن له تفاقمت بسبب عدم تلقي الحب والدعم الكافي من قبل الآباء لبناء قاعدة صلبة من القناعة والثقة بالنفس، كما أن الحكم المستمر من قبل الأمهات لأناس آخرين أمام أبنائهم المراهقين يعمق المشكلة: «حلوة بس يا ليتها أطول شوي».. «جذابة بس نصها عمليات».. ما يبعث لهم رسالة مفادها أنك لن تنجو من حكم الآخرين عليك! بالإضافة إلى عدم الحرص على تنمية هوايات مفيدة تصقل مهارات الابن، وتعزز من مكامن ثقته بذاته، وأخيراً ضجيج العالم من حولهم وهو يتحدث عن خلطات التنحيف، ومساحيق التجميل، وإبر بناء العضلات، وحبوب تكثيف الشعر.
ليبقى السؤال، كيف نستطيع تخفيف حدة هذه المخرجات، وتعزير ثقتنا بأنفسنا وبأبنائنا.. الجواب يكمن في أمور:
بداية، اعلم بأن جمالك لا يتلخص في مظهرك، بل في أمور كثيرة منها وعلى رأسها شخصيتك وفكرك وعطائك الاجتماعي وقدرتك على إسعاد وإلهام غيرك، حيث تشير إحدى الدراسات إلى أن الناس من حولك يرونك أجمل بنسبة 20% مما ترى نفسك عليه، وذلك لأن تقييمهم لجمالك لا يتقصر على شكلك فقط، بل يتخطاه إلى شخصيتك وكاريزمتك وكيف تجعلهم يشعرون بحضرتك.
ثانياً، لا تخضع لمقايسس الآخرين للجمال.. فالجمال عبر العصور أثبت بأنه مفهوم نسبي غير مطلق وذو سياقات متصلة بالجغرافيا وطبيعة المجتمع، ففي موريتانيا يعتقد بأن المرأة السمينة جميلة وقد لا تصدق أن هناك معسكرات لتسمين النساء تبدأ منذ سن الثامنة وتنتهي مع بلوغها سن الزواج، كما تنظر بعض القبائل الإفريقية بعين الإعجاب والإكبار للمرأة ذات البشرة الداكنة إشارة إلى جمالها وأصالتها، بل ويتم احتقار ممن تحاول تبييض لون بشرتها والتنكّر لأصولها.
ثالثاً، أنتِ لست في منافسة مع أحد، أنت كتلة منفردة بذاتك، بمحاسنها وعيوبها.. مخطئ من يعتقد أن الجمال عملة تتساوى في يد الجميع.. وأن التمام ثوب فضفاض يتسع لكل من يرتديه ويبحث عنه وينشده.
أخيراً.. كوّن جمالك الخاص بتعريفك ومقاييسك وظروفك الحالية، ولا تبحث في تعريفات وقواميس الجماعة عن تعريفك الفردي لما هو فردي، ولا تربط قيمتك الإنسانية بما تبدو عليه بما تحمله من قيم نبيلة، وما حققته إنجازات مثمرة، وما تركته من إرث وأثر.