أحمد بن عبدالرحمن الجبير
بلدنا ولله الحمد أكثر أمناً واستقراراً، ويمضي نحو تطور مستمر، ونمو اقتصادي جديد، وهناك جهود كبيرة لتوطين الوظائف، واستقبال الاستثمارات العالمية، ومحاربة الفساد، وهيكلة المؤسسات، ومضاعفة صلاحيات مجلس الشورى، بفضل ما وفرته حكومتنا الرشيدة بقيادة ملك الحزم والعزم الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين -حفظهم الله-.
ومجلس الشورى يعتبر تجمع للخبراء والنخب الوطنية السعودية، ويخدمون بلدهم وقيادتهم بإخلاص، ويمارسون صلاحياتهم بحدود وظيفتهم، ولم نجد يوماً بأن مجلس الشورى كان عبئاً بقدر ما كان حافظاً للتوازن والاستقرار، ولقد ظلت القيادة تستأمنهم على الوطن في أعمالهم فحالة التنوع والخبرة، والثراء الموجودة في المجلس مصدر فخر لنا، واحترام لبلدنا.
وقد بني المجلس على مبدأ إسلامي، ويقوم على الأخذ بالرأي الصائب الذي يتم التوصل إليه نتيجة دراسة وحوار ومناقشة، والاحتكام إلى تصويت الأكثرية، إلا أننا وللأسف الشديد نلاحظ لجوء بعض أعضاء المجلس إلى الإعلام، وتأليب الرأي العام على المجلس في حال رفض المجلس مقترحاً أو توصية تقدم بها هذا العضو.
وليست المرة الأولى التي يثير فيها بعض أعضاء المجلس الجدل بسبب تصريحاتهم المستفزة والتي أسات إلى صورة المجلس، وأثارت جدلاً في الشارع السعودي، وهذا الأمر يتعارض مع تقاليد العمل الشوري، ويخلق حالة من العداء، وعدم الرضا بين المواطنين تجاه المجلس وأعضائه بشكل لا يليق بهم، ويثبت عدم أهلية بعض الأعضاء لعضوية المجلس.
نحن لا نشك في نزاهة ووطنية رئيس وأعضاء مجلس الشورى، والذي جاء بإرادة ملكية، وجهود رئيسه فضيلة الدكتور/ عبدالله آل شيخ، وخبرات الأعضاء التي يصعب توفيرها لو كان الأمر بالانتخاب، حتى إنهم يطالبون بتوسعة صلاحياتهم لتشمل المساءلة والمراقبة. والمجلس تطور كثيراً، ويخدم الوطن والمواطن، ولا يمكن التطاول عليه، والنيل من هيبته لمجرد تصريحات بعض أعضائه.
وكثيرون هم من أنتقد المجلس، لكنهم عندما إطلعوا على الواقع تحول إنتقادهم الى إشادة، إلا من رحم ربي من الشعبويين الباحثين عن مناسبة أو شماعة أو استغلال لعواطف شباب، وشابات الوطن، وللقول بأننا ننتقد أعضاء المجلس، ففي المجلس خبرات كثيرة وعديدة، وهي ثروة وطنية نحترمها ونقدرها، وهم نتاج هذا الوطن المعطاء، وأبناؤه الذين نتوسم بهم خيراً.
فالنقد الموضوعي لا نختلف فيه، والنقد الصائب هو ما يكون داخل قبة المجلس، وإن الاستعجال والانتقاص من هيبة مؤسسات الدولة أمر مرفوض، وهناك من يحاول تشكيك مواطنينا بمؤسساتهم الشورية والانتخابية، وليس من باب المنطق ألا يجد المنتقدون شيئاً إيجابياً للمجلس بقدر السلبيات التي يجري تضخيمها بشكل جنوني وغير منطقى.
فاجتهادات بعض الأعضاء غير محصنة من الخطأ، وتمثل رأيه الخاص، ولا تعبر عن رأي المجلس، وليس صحيحاً أن العضو يمثل نفسه فقط، بل هو أيضاً يمثل فكر، ومنظومة عمل المجلس، وقراراته التي تصدر بموافقة أغلبية أعضاء المجلس حسب المادة (16) بكل شفافية ووضوح من أجل صالح الوطن والمواطن.
لذا يفترض فرض قيود على تصريحات بعض الأعضاء، والحصول على موافقة مسبقة قبل التصريح، وعلى مجلس الشورى أن يتخذ موقف صارم اتجاه التصريحات، وعلى العضو الالتزام بميثاق المجلس ولوائحه وأنظمته، وعدم إثارة أي موضوع خارج قبة المجلس، ويجب على العضو أن يعرف كيف يتعامل مع الإعلام، وأن يضع حداً فاصلاً بين رأيه الشخصي، وبين رأيه كعضو في المجلس حتى لا يساء فهمه، ويؤثر سلباً على دور ومكانة المجلس.
ويفترض من مجلس الشورى تشجيع الإعلام الجديد، وتأسيس أعلام شوري للسعوديين عبر التدريب والحوافز، وان يوجه للمواطن باعتباره جوهر العملية التشريعية وهدفها، والاهتمام بالشأن المحلي وخدمة المواطن والوطن، وفتح نوافذ عديدة لاقتراحات المواطنين وشكاواهم، وأن يكونوا أعضاؤه جسراً واصلاً بين المواطن والمجلس.