أنَا طِفلُهَا ؟! أم أنَّها طِفلِي
نَلهُو فيتبعُ ظِلّها ظِلِّي
طِفلينِ عدنَا عندَ شُرفَتِنَا
لا أَهلهَا انتَبَهوا .. ولا أَهْلِي
الشَّاطِئُ الرَّملِيُّ يجمعُنَا
والصُّبحُ ذوَّبَ مَرمرَ الطَّلِّ
أَحلَامُنَا بالرَّملِ نرسُمُها
والمَوجُ يَمحو حُلمَنَا الرَّملِي
طِفلَانِ إِلا أَنَّ في فَمِنَا
ظمأً فَمَنْ يَروِي الظَّمَا ؟ قُلْ لِي
شَفَتَانِ من عَسَلٍ حَدِيثُهُمَا
ويَذُوبُ فِي عَسَلَيْهِمَا نَحلِي
لَو حدَّثُوا الأَحسَا بِسُكَّرِهَا
لَمْ تَطْلُعِ الأَكمَامُ في النَّخلِ
عَينَانِ يَجري في مُحِيطِهِمَا
نهرٌ مِنَ الفَيرُوزِ والكُحلِ
نَبعَانِ مِن قَزَحٍ بِفَيضِهِمَا
تُسقَى حدَائِقُ أَعيُنٍ نُجلِ
عَينَانِ مَنْفِيٌّ بِبحرِهِمَا
وحدِي فَلا بَعدِي ولا قَبلِي
هذَا الرُّخامُ زنَابِقٌ جُمِعَتْ
أَمْ يَاسَمِينٌ ذَابَ في فُلِّ
مَاءُ المَرَايَا شَفَّ عن قَمَرٍ
هَطَلَت عَلَيهِ سَنَابِلُ الَّليْلِ
نَهرَانِ من ضَوءٍ ومِن مَطَرٍ
سَالَا حَرِيرَاً في يَدِ النَّوْلِ
كَتَبَا كمَا شَاءَ الهَوَى لهُمَا
في أزرَقِ كالموجِ مُخضَلِّ
وفَرَاشَةٍ رفَّت على دَمِنَا
قلنَا لَهَا لاتَرحَلِي .. ظَلِّي
وخُذِي أَرِيجَ حَديثِنَا
فَبِهِ تَتَبرعَمُ الأَزهَارُ في الحَقلِ
عودِي إِلَيهَا كلَّمَا نَسِيَتْ
مَا وَشوَشَتهُ أَنَامِلُ الطِّفلِ
- شعر : محمد أبو شرارة