تحكي رواية الكاتبة العراقية (شهد الراوي) ساعة بغداد المرشحة لنيل جائزة البوكر العربي لعام 2018 ضمن روايات القائمة القصيرة، سيرة المجتمع العراقي في الحقبة الزمنية الممتدة من حصار ما بعد غزو الكويت سنة 1991م حتى السنوات التي تلي الغزو الأمريكي سنة 2003م. و هو عمر وعي البطلة من سنوات الدراسة الابتدائية حتى الجامعية الذي ترصد لنا فيه كيف أدت تلك الظروف القاهرة إلى تفاقم شظف العيش في العراق وتفتت نسيجه الاجتماعي من خلال الحي والنطاق الذي تعيش فيه البطلة؛ المحلة.
تتبنى الرواية وجهة نظر الراوي المتكلم (ضمير المتكلم المفرد) في معظم المتن السردي، من خلال فتاة عراقية تتعرف في طفولتها، في أحد الملاجئ على صديقة في سنها(نادية)، وتتجه إلى تبني تقنية تدوين المذكرات حين تقترب الرواية من نهايتها.
لكن الرواية تستخدم ضمير الراوي العليم في بعض المواقع وتحديدًا مع (عمو شوكت) الموظف في البنك المركزي، ذي الأصل الكردي، الذي نصادفه منذ بداية الرواية يلاعب، هو الذي ليس له ذرية، بنات الحي الصغيرات في الملجأ بأن يطبع بأسنانه على أذرعهن ساعات لا تلبث أن تتلاشى. يبقى (عمو شوكت) متمسكًا بالبقاء في المحلة إلى زمن طويل حتى والمحلة تنزف أبناءها وأسرها واحدة تلو الأخرى مغادرين العراق الذي أصبح مرتعا للطائفية والخراب. يبقى يحرس البيوت التي هاجر أهلها هو وكلب أسود (برياد) تبناه بعد أن وجده يكاد يموت في أحد بيوت المحلة المهجورة.
تلجأ الكاتبة لاستخدام الراوي العليم (مثالا: فصل 13 وفصل 20) لإدراكها محدودية ضمير المتكلم في الدخول إلى مشاعر وأفكار شخصية هي الأبرز من شخصيات الرواية الذكور. ولأن هذا النوع من الرواة لا يمكنه وصف مشاهد يغيب عنها في الراوية، لا سيما أن (عمو شوكت) أصبح يعيش وحيدًا، بعدما تركته زوجه (باجي نادرة) وهاجرت، دون توظيف الراوي العليم وبذلك استطعنا أن نرى عمو شوكت داخل بيته ينهض، يدخل المطبخ، يعد إفطاره يغير ملابسه ويحدث نفسه وكلبه برياد.
- عبدالله الوصالي