روما - سهيلة طيبي:
شهدت ميلانو حدثاً ثقافياً مهماً تمثَّل في انعقاد معرض للكتاب، طيلة الأيام المتراوحة بين 8 و12 مارس الجاري، تحت شعار «زمن الكتب 2018»، حيث حفل بـ 650 لقاء ومشاركة 900 ضيف من بينهم جون غريشام، وكلارا سانشيز، وداتشيا ماريني، والمخرج السنيمائي بوبي آقاتي، وصوفيا فينسكاردي، أصغر كاتبة على لائحة الكتب الأكثر مبيعاً في إيطاليا. كانت المشاركة السعودية لافتة باعتبارها البلد العربي الوحيد المشارك في المعرض، وكان لهذه المشاركة نكهة خاصة من خلال رؤية 2030 للمملكة العربية السعودية، التي تجسدت عبر برامج وندوات ولقاءات متنوعة كانت المرأة السعودية محورها.
وبهذه المناسبة افتتح عمدة ميلانو جوسيبي سالا أشغال المعرض قام أثناءها بزيارة إلى الجناح السعودي رفقة القائم بأعمال سفارة المملكة في روما، والملحق الثقافي السعودي وعدد من المسؤولين والإعلاميين الإيطاليين والسعوديين. تعرف العمدة على الإصدارات المتعلقة بتاريخ المملكة وتراثها، وأشاد بالحضور العربي في هذا المعرض، هذا وقد تبادل الهدايا التذكارية كل من عمدة ميلانو السيد جوسيبي سالا وسعادة القائم بالأعمال بالسفارة السعودية بروما الأستاذ فيصل بن حنيف القحطاني.
أكد سعادة القائم بالأعمال في كلمته أن المشاركة في معرض ميلانو وفي هذه الدورة تحديدا تأتي انطلاقاً من إدراك ممثليات المملكة في الخارج لدورها ومسؤوليتها تجاه تراث ترويج الثقافة السعودية، وأضاف قائلاً: إن مكانة المملكة تجعلنا أمام دور جاد وفاعل، ونحن في إيطاليا نتولى إبراز هذا الجانب عبر الكتاب والندوات بقصد إثراء الحوار والتثاقف، ولا شك أن هذه المشاركة تبرز مكانة الكتاب في الوسط الثقافي السعودي. وأشاد سعادة القائم بالأعمال في منتهى كلمته بالجهود التي تبذلها الملحقية الثقافية السعودية بعزم واقتدار.
من جانبه أخبرنا سعادة الملحق الثقافي الدكتور عبد العزيز بن علي الغريب أن الكتاب يمثِّل عبر الزمن الوسيلة الأكثر تقدّماً وتطوراً للقاء للحوار مع الآخر، وأضاف قائلاً: إن هذا التفاعل الحضاري ما كان ليبلغ هذا المستوى لولا الإيمان بالكتاب وقارئه ووضعهما في المقام الأول، فضلاً عن حرص المؤسسات المعنية بنشر الكتب على المشاركة في المحافل الدولية، وهو ما نلمسه من تشجيع قيادتنا الرشيدة ودعم مؤسساتنا، كالمكتبات العامة ومراكز البحث ودور النشر. واستطرد قائلاً: عمل السفارة الواعي هو ما جعل المشاركة ناجحة، فضلاً عن حرص وزارة التعليم على مشاركة الملحقيات في كل تظاهرة معنية بصناعة الكتاب، ونشره وهو ما يسر للملحقية المشاركة في هذه الدورة سعياً للتواصل مع النخبة التي ترتاده والأصوات التي تثري فعالياته.
ضمن هذا الإطار أعدت الملحقية الثقافية جملة من البرامج المتنوعة خاصة بالجناح السعودي، شهد يوم الافتتاح انعقاد ندوة المرأة السعودية تناولت حاضرها ومستقبلها بمشاركة أستاذة الأدب المعاصر بجامعة روما لاسابيينسا الدكتورة إيزابيلا كاميرا دافليتو، وعدد من المبتعثات السعوديات في إيطاليا، منهم الأستاذة رزان عرقسوس، وكذلك الدكتورة روان شاهباز، والمهندسة نجوى العنبري.
كما عقدت الملحقية الثقافية لقاء حول كرسي الملك عبد العزيز للدراسات الإسلامية في جامعة بولونيا مع المشرفة الدكتورة آنا تروميتي للتعريف بأنشطة الكرسي، وذلك في إطار العلاقات الأكاديمية بين المملكة وإيطاليا. وكان ركن الخط العربي وفنونه حاضراً ألهم العديد من المعجبين بهذا الفن، ولَم يستثن جناح السعودية في المعرض فئة الأطفال، حيث خصص ركنا خاصا قامت الملحقية فيه بتوزيع قصص سعودية مترجمة إلى الغة الإيطالية من قبل الملحقية.
وتم عرض كتاب «ورود عربية» للدكتورة إيزابيلا دافليتو، وهو عبارة عن مجموعة قصصية لكاتبات من المملكة، بينما ألقى سعادة الملحق الثقافي الدكتور عبد العزيز بن علي الغريب محاضرة بعنوان: «رؤية المملكة العربية السعودية 2030» رفقة الممثل الدائم للملكة لدى منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة الدكتور محمد الغامدي، واستعرض المحاضران فحوى هذه الرؤية التي أطلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان عبد العزيز. وصف الأستاذ عبد العزيز بن علي الغريب الحدث بأنه خارطة عمل لمستقبل المملكة واستشراف حكيم للمستقبل، مبيناً ركائز هذه الرؤية وأسباب نجاحها ومعالم انطلاقها والآثار المترتبة عن ذلك، وهو ما بدأ يظهر في النشاط العام للمجتمع والدولة لكونها أتت بناءً على حاجة المجتمع ودعماً من القيادة لترسيخ دور المملكة لما تمثّله من عمق إستراتيجي في المنطقة والعالم، إضافة إلى دعم إسهامات المملكة في صناعة المستقبل.
ولَم تغفل الملحقية الثقافية في هذه التظاهرة عن التعريف بآثار المملكة وما تزخر به من تراث حضاري عريق، وذلك من خلال إقامة الملحقية لقاء حول كتاب «أصول العرب.. رحلة عبر آثار المملكة العربية السعودية» للأستاذ رومولو لورينزو من جامعة نابولي الشرقية، الذي وقع كتابه بحضور جمهور غفير من زوار المعرض. في اليوم الأخير من المشاركة شهد المعرض انعقاد ندوة بعنوان: المرأة السعودية في المجتمع والإعلام، تولت تسييرها الدكتورة إلينا مايشتري من الجامعة الكاثوليكية في ميلانو، استعرضت فيها دور المرأة السعودية في إطار تحولات الإعلام العالمي، وقامت بتوقيع كتاب «مجلس دول التعاون الخليجي.. النمو والأمن الإنساني بالجزيرة العربية». هذا وقد شهد جناح المملكة السعودية العديد من الزوار أعربوا عن سعادتهم بالتعرف على الثقافة السعودية من خلال الاطلاع على المنشورات في الشأن. كما عبر لنا بعض الأطفال ممن تابعوا عرض القصص السعودية عن عميق سرورهم، وأثنى منظمو المعرض على مشاركة المملكة باعتبارها البلد العربي الوحيد المشارك.