فهد بن جليد
برأيي أنَّ أفضل صدقة يُمكن أن تقدمها (لعامل النظافة) هي أن لا ترمي المُخلفات من نافذة سيارتك في الشارع بطريقة تجعله عرضة للخطر في الطرقات السريعة، أو العمل تحت أشعة الشمس الحارقة وقطع مسافات طويلة داخل الأحياء، هذا هو السلوك الإنساني والحضاري الحقيقي من وجهة نظري للتعاطف مع هذه الفئة من البشر أكثر من منحهم المال، أغلب التعليقات كانت مُتعاطفة جداً مع عمال النظافة حول خبر تحذير أمانة الرياض من إعطاء عمال النظافة مبالغ مالية، وأنَّه سلوك يشجعهم على التسول والانصراف عن عملهم الأساسي، وهنا لا يمكن أن تلوم الناس على هذا التعاطف والشعور بالرغبة بمُساعدة هؤلاء نتيجة سماع تلك القصص المُحزنة عن رواتبهم المُتدنية وتأخرها، مع عدم وجود مميزات تحفيزية لتحسين بيئة عملهم الشاقة، وتغير تلك الصور النمطية عن هذه العمالة، وأنَّها في الغالب تستحق المُساعدة تحت بند الشفقة والرحمة.
مثل هذا التنبيه - ضمن برنامج تحسين المشهد الحضري بمدينة الرياض - أمر توعوي تُشكر عليه الأمانة، ولكن السؤال هل هناك خطوات عملية ورقابية وعقابية على الشركات والعمال بمنع قبول مثل هذه المُساعدات وعدم البحث عنها بالوقوف عند الإشارات وغيرها بطريقة توحي بالحاجة، وعقاب من يثبت قيامه بذلك، وهل وضع رقم للإبلاغ عن (مُحترفي التسول) من عمال النظافة في بعض الأماكن المُكتظة بالزحام والمارة عند الأسواق و بقرب المُستشفيات والمجمعات التجارية بشكل لافت ومُتكرِّر، وهل هذا ممكن أصلاً في ظل عدم وجود آليات واضحة في الغالب تدل على هوية من يرتدي زي (عامل نظافة)، وهل هو عامل حقيقي أم أنَّ ما نسمعه واقعاً بالفعل عن استغلال بعض العمال لهذا الزي من أجل امتهان التسول؟.
كل دول العالم تسعى لتحسين وتجوِّيد بيئة عمل هؤلاء بطُرق وأفكار ومُبادرات متنوعة تناسب كل مُجتمع ،إيماناً بأهميتهم ودورهم في النظافة مع ضمان سلامتهم وحقوقهم الكاملة، في المغرب كانت المُبادرة التي أُطلقت مؤخراً بمنح عاملة النظافة (سناء معطاط) لقب ملكة جمال عاملات النظافة لعام 2018، واحتفاء وسائل الإعلام بها هناك، كافيه جداً لتصحيح الصورة النمطية عن هذه المهنة والعاملين فيها، وأنَّ لديهم أحلاماً وأفكاراً كبيرة وقصصاً وتضحيات وتفانياً، ولهم حقوق وظيفية يحصلون عليها بشكل كامل، وعليهم واجبات مهنية يقومون بها بعيداً عن نظرة الشفقة أو الرحمة، وضرورة تقديم مبلغ مالي لكل عامل نظافة نشاهده، وكأنَّنا في الحقيقية نقدم تلك المُساعدة لكل من يرتدي (زي النظافة) الذي ارتبط في أذهاننا بعدم الحصول على أي حقوق مالية أو مزايا وظيفية، وهنا يكمن سر القضاء على الظاهرة في شوارعنا.
وعلى دروب الخير نلتقي.