ياسر صالح البهيجان
قابلت عشرات الطلبة الجامعيين الذين يتذمرون من أن أبحاثهم الأكاديمية الفصليّة تُنسب عنوة بعد سنوات إلى أحد الأساتذة القائمين على تدريسهم، لتذهب جهودهم المضنية أدراج الرياح دون وجود نظام أكاديمي يحفظ لهم حقوقهم البحثيّة، ويوثّق أبحاثهم لتظل منسوبة إلى آبائها الأصليين وتقطع الطريق على الأدعياء الخائنين للأمانة العلمية ومقتضياتها.
الطلبة هم الحلقة الأضعف في حالات السرقات الأدبيّة لصعوبة نسبة تلك الأعمال إليهم، ولأن معظمها يُقدَّم بطريقة بدائيّة يدويّة تحرم الباحث من إمكانيّة البرهنة على أن البحث المسروق هو من صُنع أفكاره وجهده البحثي، وحتى مع تطوّر النظام الجامعي واعتماده على التعاملات الإلكترونيّة، ظلت الأبحاث خارج دائرة الأتمتة، في ظل عدم إلزام الأساتذة الجامعيين باستقبالها عبر البوابة الرقمية.
حديثي ليس عن اللصوص؛ لأن الأبحاث السائبة تُعلِّم السرقة، لذا ما أود قوله هو إلى متى ستظل الأبحاث الطلابية سائبة دون توثيق؟ وإلى متى ثمة من يقلّل من جهود الطلبة ويظن بأنهم لا يقدمون أبحاثًا رصينة وجديرة بالحفظ من قطّاع الطرق؟!
معظم منجزات التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي كانت نتاج بحوث طلابيّة في جامعات احترمت مجهوداتهم ووفّرت لهم البيئة المحفّزة للإبداع، ولدينا من العقول ما يضاهيها شريطة أن تتوفر العوامل ذاتها لتكون المقارنة عادلة، ومجتمعنا حافل بالمخترعين والمبتكرين متى ما وجدوا من يمنحهم التقدير ويؤمن بحجم طاقاتهم الهائلة.
نحن لا نطالب الجامعات بتقديم دعم مالي لإنشاء مشروعات طلابية على مستوى عالٍ، ولا نقول لها احتضني المشاريع الوليدة إلى أن تكبر وترى النور رغم وجاهة هذين المطلبين، وإنما كل ما نريده هو حفظ جهود الطلبة من التعديات، والعمل على إنشاء مكتبة رقميّة لأبحاث الطلاب تدوّن بأسمائهم وتُشعرهم بأهميّة ما يبذلونه، ما دمنا نتطلع لإسهامات أكبر من ذلك الجيل الشاب الذي يمثِّل مستقبل الوطن الواعد.
أؤمن بأن مديري الجامعات السعوديّة على قدر الثقة الممنوح لهم، وربما تغيب عنهم بعض التفاصيل المؤرقة للطلبة، ولعل هذه المقالة كشفت شيئًا مما غاب، ونتطلع لسماع أنباء تبعث على التفاؤل وتتماشى مع رؤيتنا الوطنية الطموحة والتي أكدت اعتمادها على الشباب في صناعة المستقبل.