رقية سليمان الهويريني
يقع الكثير من الناس بورطة المجاملات مما يضطرهم لقول نعم دوماً، فيما ينبغي أن يقولوا: لا! والأمر يحتاج مراناً وتدريباً لتوطين النفس على رفض ما لا يتناغم مع متطلباتها! وهو صعب في البداية لمن لم يعتد عليه، ولكنه يسهل أمام الإصرار والتحدي!
ومعظم الناس يقولون: نعم، درءاً للمشاكل المترتبة على الرفض، وبعداً عن المخاطرة ورغبة بالبقاء في المنطقة الآمنة! والحقيقة أن نعم هذه، هي في الواقع لا،أمام تحقيق أمر آخر، فحين تقول نعم، لجهد مضاعف بوقت راحتك، فهو في الحقيقة لا، لاسترخاء جسدك ودعة نفسك! وما تلبث أن تدخل في دائرة (النعم) حيث يبدأ استغلال الآخرين لك فلا تستطيع بعدها التراجع مطلقاً مما يسبب توتراً وضغطاً نفسياً.
وإن كان الآخرون ينتقدون من يقول: لا، ويصفونه بالتعنت وتصلب الرأي والعناد والشر وعدم مساعدته الآخرين أو بالمعنى الدارج (ما فيه خير!) فإن من يقول نعم دوماً هو في الواقع خانع مهادن على حساب نفسه وراحته وسعادته، وقد يضيّع وقته وجهده لأشخاص لا يستحقون، أو جاحدين بمجرد انتهاء مصلحتهم.
إن مردّ (نعم) دوماً هو الخوف من الآخرين ومن انتقادهم وعدم القدرة على مواجهة ردة الفعل، ومرجع (لا) أحياناً هي الثقة بالنفس والانتصار لها من أن تكون مرمى لكل من هب ودب، وهي حاجز لحالة الاستغلال والاستبداد البشري.
والحق أن من لا يتفهم ردك بـ(لا) هو الذي لا يستحق أن تقول له (نعم) لأنه أناني لا يراعي مشاعرك ولا يهتم بمصلحتك! وبالمقابل يحسن أن تقول: لا، بأسلوب مهذب ينم عن الرغبة، ولكنه يتعارض مع أمور أخرى تتجاوز الرغبات وتفوق الأماني! وليس بالضرورة التبرير في كل مرة؛ بل اجعل الباب موارباً حتى لا تغلق بوابة المحبة وتعكر الصفاء! وجميل منك أن تتعاطف مع بعض المطالب وتضع حلولاً أخرى؛ وهذا من كرم النفس وحسن الأدب!.
وقول لا، يتطلب مهارة وبراعة وحذق وذكاء اجتماعي. فإن أجدتها؛ فقد نجحت في جلب محبة أهلك وأولادك، وفزت في كسب زملاء العمل، وحفظت ودَّ صداقاتك، وربحت صحتك النفسية والجسدية!