علي الصحن
هذه كرة القدم، تفوز اليوم وتخسر في الغد، تفرح يوماً وتغضب في آخر، وما من حال تدوم فيها، والهلال ليس بدعاً عن البقية، وليس مختلفاً عنها، وشأن هلال السماء، يمر هلال الأرض بأطوار مختلفة، ربما يصل فيها للمحاق والغياب الكامل... وهي مرحلة اتفق الهلاليون على تسميتها في السنوات الأخيرة بـ(مواسم النسيان).
الهلال ثابت والبقية متحركون، هذه قاعدة راسخة في عالم المنافسات الرياضية المحلية والقارية، يدرك ذلك منافسوه قبل غيرهم، وتعززه الأرقام ورصيد الإنجازات والفوارق الشاسعة بينه وبين غيره، والهلال مختلف عن غيره من الأندية، ويسند هذا الرأي الاستعداد المختلف قبل مواجهته، والقيمة الإضافية التي يحققها الفوز عليه.
هذا الهلال يمر في الفترة الأخيرة بمرحلة من عدم التوازن والإحباط وفقدان الثقة، حتى مدرجه الذي راهن عليه طويلاً، وتغنى به زمناً مديدا لم يعد يثق بقدرته على الفوز حتى في مباريات سهلة، لم يكن يحسب لها قبل مواسم حساباً.
ما يحدث للهلال ليس أمراً طارئاً، أو ريحاً هبت وحركت كل ثابت من مكانه، دون أن يحسب لها الهلاليون حساباً... ما يحدث للهلال أمر توقعه كثيرون، وحذر منه عدد من المتابعين الصادقين، وما كان بالأمس حديثاً أصبح اليوم واقعاً، وما كان مجرد همس أصبح أمراً مزعجاً يؤلم الهلاليين ويقض مضاجعهم، ويجلهم يطرقون أنظارهم في الأرض ثم يرسلونها إلى السماء بحثاً عن فسحة الأمل.
ماذا يحدث للهلال... ما الذي جعل الفريق الذي وصل للنهائي الآسيوي وتصدر الدوري مبكراً يتراجع بهذا الشكل المخيف؟
- هل هو الاستعداد الضعيف للموسم وعدم قدرة إدارة الكرة على تدبير مباريات ودية قوية تكشف الحال مبكراً، وعودة إلى معسكر الفريق، تكشف أن تدابير المباريات الودية فيه لا تليق بفريق كبير.
- هل هي المجاملات في تجديد العقود مع لاعبين لم يعد لديهم ما يقدمونه، ومدرج الهلال لم يقصر بل احتج وطالب بعدم المجاملة، وها هو صوته يكسب في النهاية.
- هل هو التعاقد مع ماتياس وهو الأمر الذي ضرب الفريق مع الخاصرة، فأسهم بداية في خلق بلبلة واختلافات لم يكن لها داع، ثم صنع مشكلة من لا شيء في خيارات القائمة الآسيوية، ثم وهذا هو الأهم حرم الفريق من لاعب حاسم افتقده كثيراً وبالذات في النهائي الآسيوي.
- هل هي مجاملة دياز وعدم الحزم معه (مهما كان اسمه) فلا شيء يعلو عند الهلاليين على الهلال في العادة، فبعد تصريحه الغاضب بعد مباراة القادسية في الدور الأول حاول الهلاليون تلطيف الأوضاع رغم أن الغالبية لم تصدق أن كل ذلك الغضب والتشكيك في الاستمرار كانت لمجرد عتب على الجمهور لعدم حضوره في الملعب.
- هل هي مجاملة دياز في منحه مساحة واسعة من الصلاحيات لابنه، دون التدخل إلا بعد أصبح التدخل مثل عدمه؟
- هل هو سوء اختيار اللاعبين الأجانب... فبعيداً عن ماتياس: هل ميلسي طموح الفريق في ظل التعاقد مع كنو ووجود الخيبري والفرج وعطيف؟ وما هو الفارق الذي صنعه ميلسي؟ وهل ريفاس ضالة فريق ظل يعاني من غياب اللاعب الهداف لمواسم عدة؟ وكلفه الأمر خسارة ألقاب ومباريات كانت في متناول اليد؟
- هل هي مجاملة بعض الأسماء وعدم التعامل بجدية مع أخطائهم المستمرة ووضع حد لها؟
- هل هو سوء اختيارات اللاعبين المحليين الذين دعم بهم الفريق في الموسمين الأخيرين ولم يحقق جلهم الإضافة المطلوبة؟
- هل هو التدوير الغريب في صفوف الفريق، حتى أصبح الهلاليون يتندرون على مدربي فريقهم..فهم يريحون بعض اللاعبين في الدوري من أجل مباريات آسيا، ويريحونهم أيضاً في مباريات آسيا من أجل الدوري، فتضاءلت حظوظه في تجاوز دور المجموعات القاري، وبات حفاظه على لقب الدوري مهدداً بقوة، وربما ينتهي كل شيء غداً أمام القادسية.
- هل هو تأثير الاحتراف على الفريق والتعاقد مع عدد كبير من اللاعبين حتى أصبح معظم الفريق من غير أبنائه الذين ترعرعوا في جنباته وتشربوا ثقافته وروحه التي كانت مضرب المثل؟
- هل هو ضعف إدارة الكرة؟
خسر الهلال... وبقي بصيص أمل فهل يتداركه أم يخسر كل شيء، وتتسرب كل الآمال تسرب الماء من قبضة الكف، وفي لحظة كانت كل أوراق الكسب والتفوق قبلها في يده؟
خسر الهلال...فهل وضعت إدارته خطط الإصلاح للموسم المقبل وبدأت بالفعل في رسم استراتيجيته وتجاوز أخطاء الحاضر، أم سيكون الأمر رهين اجتهاد قد يؤتي ثمره مرة ويعجز عن تحقيق شيء مرات ومرات؟
خسر الهلال.. فأين سنده وشرفيوه وهل رفعوا أيديهم عنه بعد أن كانوا هم من يرفعه ويسهم في تفوقه؟
خسر الهلال.. فهل تجري الدماء في عروقه من جديد، قبل أن ينفض سامر الموسم، أم أن الحيلة أعيت الطبيب المداوي؟