الجزيرة - أحمد المغلوث:
لا أعتقد أن من شاهد الفيديو الذي نشر في مواقع التواصل الاجتماعي عن «طفلة أندونيسيا السعودية هيفاء» لم يتأثر ولم يحزن وهو يستمع إلى الطفلة وهي تردد اسمها بضعف وانكسار. طفلة جميلة ملامحها من هذا الوطن. وعلى الرغم من المعلومات المحدودة التي رافقت «الفيديو» وما ردده المواطن محمد علي الغامدي الذي شاهد الطفلة والتقى مع والدتها وذكرت له أنها كانت متزوجة من رجل سعودي قبل عدة سنوات. وتوفي إلى رحمة الله على إثر حادث دراجة مؤسف .واتصالها بأفراد أسرته من خلال الهواتف الموجودة في جواله للحضور لاستلام جثمانه رحمه الله. كما أشار الغامدي إلى اهتمام سفارة المملكة بأندونيسيا.بموضوع الطفلة..
وحكاية الطفلة السعودية « هيفاء « ليست هي الحكاية الأولى فلقد نشرت هذه الصحيفة « الجزيرة « في السنوات الماضية وغيرها من الصحف المحلية والخليجية والعربية لحكايات وقصص لمئات من الآلاف من أبناء السعوديين وغير السعوديين في العديد من دول العالم ومنذ عرف البعض السفر إلى الخارج ومن ثم الزواج وبعدها يعودون إلى الديار بدون الأبناء. والمؤلم أن الحكايات التي تروى وتقال وحتى تنشر في وسائل الإعلام في الماضي كانت محدودة الانتشار لكن مع التطور الإعلامي الذي ساهم في السنوات الأخيرة ساهم في انتشار المعرفة والعلم بهذه « الظاهرة « وما نتج عنه من تخلي الآباء عن أبنائهم وتركهم يعانون معاناة شديدة في ظروف حياتية ومعاشية صعبة خصوصا في دول فقيرة. وكم شاهدنا وقرأنا حكايات حزينة وباكية عن أبناء سعوديين تركهم من تزوجوا أمهاتهم في مصر أو سوريا أو المغرب وحتى دول شرق آسيا. بل في السنوات الأخيرة . برزت ظاهرة جديدة ليست ببعيدة عن الظاهرة السابقة إلا وهي زواج بعض المبتعثين من أجنبيات ..وقبل سنوات قريبة لم تجد أمريكيات تزوجن من سعوديين وسيلة لمناداة أزواجهن الذين هجروهن وأبناءهن بعد انقضاء مدة ابتعاثهم للدراسة في أمريكا، سوى إنشاء موقع يضم أسماء ومعلومات هؤلاء السعوديين وبياناتهم، إضافة إلى صورهم الشخصية والعائلية مع زوجاتهم وأبنائهم.
وعمدت السيدات إلى إطلاق الموقع بعد أن استنفدن كافة وسائل الاتصال مع من يدعين أنهم أزواجهن، وأنجبن منهم أبناء تخلوا عن مسؤولياتهم، بعد عودتهم إلى المملكة، كما يحتوي الموقع الذي يحمل عنوان «أطفال سعوديون منسيون» «Saudi children left behind « على رسائل مناشدة من قبل الأمريكيات للسعوديين وعائلاتهم باللغتين العربية والإنجليزية تطالبهم بتحمل مسؤولياتهم تجاه أبنائهم. وتروي كل زوجة من خلال مشاركتها في الموقع قصتها مع زوجها الذي ارتضته قبل وبعد الإنجاب وكيف تركها وأبناءها دون أن يتواصل معهم ويطمئن على أحوالهم. ولم يبخل تلفزيوننا السعودي فأعطى اهتماما كبيرا بهذه الظاهرة أو القضية جل اهتمامه. فنوقشت الظاهرة في العديد من البرامج والحوارات. وأذكر منها تناول الأستاذ « داود الشريان « في برنامجه « واجه الصحافة « ولقد اهتمت جمعية حقوق الإنسان في المملكة بهذه المسألة . أيضا لم تبخل الجمعية الخيرية لرعاية الأسر السعودية في الخارج «أواصر» باهتمامها وضاعفت من تحذيراتها للسعوديين من الزواج من الخارج دون تحمل مسؤولية الزواج بعدما شهدت ظاهرة الزواج من الخارج ارتفاع معدلات الطلاق لزواج مواطنين من الخارج إلى 50% وذلك نتيجة لاختلاف العادات والتقاليد وشروط التكافؤ بأنواعه. مما تترتب عليه أضرار مباشرة ومستقبلية أولها تأثر الأبناء وضياعهم بين الأب والأم من جانب وبلدي والديهما وعاداتهما من جانب آخر، وقد تكون نهاية الارتباط الانفصال... وماذا بعد ديننا الحنيف أعطى اهتماما كبيرا بالأسرة. فالأسرة الصالحة هي اللبنة الأولى والأساسية في بناء الصرح الإنساني والمجتمعي وهي السبيل في تقدم المجتمعات ولقد وجه الإسلام كلا الزوجين إلى رعاية حقوق بعضهما البعض وأن يكون كلاهما جديرا بتحمل مسؤولية الأسرة وعلى الأخص الزوج الذي هو السيد ليكون لقوامته أثر فاعل وجدارة بتحمل مسؤولية الأمانة والحفاظ على كيان أسرته ورعايته لأفرادها. لا أن يتركها كما هو حاصل لدى ضعاف النفوس الذي ينساقون خلف نزوات عابرة أو حتى لفترة وبعدها يهربون كالجبناء متناسين مسؤولياتهم وإنسانياتهم. وغير سامعين لصراخ ضمائرهم التي تطالبهم بتحمل مسؤولياتهم..؟!