د.علي القرني
هناك تفاعل كبير على موضوع تخصصات الإعلام الذي نشرناه الأسبوع الماضي، حيث أطلقنا مبادرة إعادة التفكير في تخصصات الإعلام، فلم يعد التقسيم الوسائلي (صحافة، إذاعة وتلفزيون، وعلاقات عامة) هو المناسب في ضوء المستجدات التقنية والوظيفية الحديثة في المجتمعات العربية، بل في المجتمعات العالمية. ومن هنا يعمل قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد على طرح مبادرة جديدة في إعادة التفكير في تخصصات الإعلام، وتعقد بالقسم حالياً سيمنارات وورش عمل متواصلة بهدف الخروج إلى صيغة جديدة تغير معالم التعليم الإعلامي في الجامعات السعودية.
والتقسيم الوسائلي الحالي في كثير من أقسام وكليات الإعلام في الجامعات العربية لم يعد هو الصيغة المناسبة في ظل الإندماجية الكبرى التي تحدث بين الوسائل، وفي ظل الظروف المجتمعية التي بدأت تعصف بالإعلام كتخصص وكوظيفة. وهذا ما جعل قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد أن يخطو خطوة متقدمة على مستوى الدراسات العليا في طرح تخصصات تقاطعية بين الوسائل، حيث من المتوقع أن يبدأ القسم من العام المقبل بإذن الله في طرح ثلاثة تخصصات جديدة ليس فقط على مستوى الجامعات السعودية، بل العربية كذلك، وهذه التخصصات هي (2) الصحافة التلفزيونية (2) اتصال الأزمات (3) الإعلام السياحي. ومن المتوقع أن تفتح هذه التخصصات مجالات واسعة في حقل الإعلام، وتعيد ترتيب الأولويات التخصصية للإعلام في العالم العربي.
ولكن المشكلة الكبرى لأقسام وكليات الإعلام والاتصال في الجامعات ليس في تخصصات الدراسات العليا، بل على مستوى البكالوريوس، وهذا هو هدف مقال الأسبوع الماضي وهذا المقال، حيث إن أقدم قسم في المنطقة الخليجية الذي تأسس في السبعينيات الماضية وهو قسم الإعلام بجامعة الملك سعود هو الذي رسم خارطة طريق لباقي أقسام الإعلام في الجامعات السعودية والخليجية، ولكن نفس التخصصات الوسائلية لا زالت هي المهيمنة على هوية التعليم الإعلامي. ولهذا فوجب إعادة التفكير في رسم هوية جديدة لتخصصات الإعلام في الجامعات العربية، وهذا ما تعمل عليه حالياً جامعة الملك خالد ممثلة بقسم الإعلام والاتصال، وتتوالى الاجتماعات وورش العمل والاستضافات المتخصصة من أجل أن نصل إلى صيغة جديدة وهوية تخصصية جديدة لأقسام الإعلام. وربما ما يساعد قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد هو فرصة في التحول إلى كلية قريباً، وهذا ما سينعكس في تخصصات جديدة وفكر إعلامي جديد.
وربما الأسئلة الإستراتيجية الضاغطة حالياً هي ماذا نريد في تعليم طلابنا وطالباتنا المتخصصين في الإعلام والاتصال؟ وإلى أين نريد أن يتجهوا؟.. وما هي الفرص الوظيفية الجديدة المتاحة لهم؟.. هذه الأسئلة وغيرها يجب أن تخيم على تفكير عمداء ورؤساء وأعضاء هيئة التدريس بكليات وأقسام الإعلام في الجامعات العربية في المرحلة الجديدة من الإندماجية الكبرى بين وسائل الإعلام والاتصال وشبكات الإنترنت والتواصل الاجتماعي. وربما ما سيطرحه قسم الإعلام والاتصال بجامعة الملك خالد يمهد لنقاش واسع من أهل الاختصاص والمسؤولية لوضع خارطة طريق جديدة لكليات وأقسام الإعلام في المملكة ومنطقة الخليج، بل على مستوى العالم العربي.
وهنا يجب التنويه إلى أن وزارة الخدمة المدنية يجب أن تعيد أيضاً التفكير في مسمياتها الوظيفية التي نحتتها في نماذجها بدون مرونة مناسبة حسب التغيرات الموجود في ميادين التخصصات الجامعية، فيجب أن تدخل أيضاً كطرف من أطراف المعادلة الجديدة عند رسم الهوية التخصصية للإعلام والاتصال.