د. محمد عبدالله الخازم
تجاوزت جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن عقدها الأول، وقد حظيت وما زالت بدعم يجعلها في مصاف الكبار في مجالها، ويلاحظ توسعها في كل اتجاه حتى غدت جامعة ضخمة تقدم برامج متعددة تجاوزت بها عمرها القصير. بدأت نواتها بكليات البنات، ثم أسست مختلف التخصصات وآخرها إعلان تبنيها تقديم التخصصات الهندسية، وتقديم برامج متنوعة تتعلق بالمرأة وكأن فكرة جامعة للبنات تعني أن نقدم كل التخصصات للبنات بغض النظر عما إذا كانت هناك جامعات أكثر خبرة وأكفأ في المجال وبغض النظر ما إذا كانت تلك البرامج تقدم للفتاة في جامعات أخرى.
عندما أسست جامعة البنات كتبت حينها مقالاً لم يرحب به البعض بعنوان «جامعة البنات: خطوة للأمام.. خطوة للخلف» ومضمونه أن تأسيس جامعة مستقلة للبنات لا يعني بالضرورة تمكين المرأة وإنما عزلها وتقليص استفادتها من الخبرات التي قدمت في تعليم البنين فكان الأجدى التوسع في فروع الطالبات حسب الحاجة بدلاً من تأسيس جامعة خاصة بالبنات، ونفس المفهوم كتبته أكثر من مرة معترضاً على تفرد جامعة الملك فهد للبترول والمعادن بتعليم البنين دون البنات. الآن جامعة نورة ترى أنها مسؤولة عن كل ما يخص الفتاة لتأتي آخر توجهاتها في تأسيس التعليم الهندسي للطالبات، بدلاً من قيام الجامعات العريقة في مجال تعليم الهندسة بالمهمة بحكم تراكم الخبرات لديها وتجنباً لإنهاك جامعة نورة بمزيد من التضخم، كجامعة الملك سعود أو جامعة الملك فهد أو جامعة الدمام أو جامعة الملك خالد أو غيرها من الجامعات.
جامعة نورة لا بد لها من إستراتيجية تحافظ بها على حجم معقول وعلى جودة متميزة وتتكامل مع مؤسسات التعليم العالي الأخرى، حيث إنه أقل كلفة وأكثر جدوى علمية قيام جامعة أخرى لديها تعليم هندسي بخطوة تأسيس كلية هندسة. جامعة الأميرة نورة يبدو أنها لم تتعلم من تجاربها في تعليم التخصصات الصحية وكم عانت ومازالت في تأسيسها وتجويدها وتقديمها بالشكل المأمول. ولم تستفد من تجربة النموذج الموازي، الجامعة المخصصة للبنين، جامعة الملك فهد التي لم تتوسع وحافظت على حجم صغير متميز الأداء.
فكرة كونها جامعة تخص البنات وعليها تقديم كل تخصصات التعليم للبنات يتعارض مع فلسفة البحث عن التميز، فبينما جامعة سعود تخفض أعداد طلابها على مدى السنوات الأخيرة بحثاً عن التميز نجد جامعة نورة تسير عكس ذلك. الجامعة المتميزة تبحث عن التميز النوعي، وليست الوحيدة المسؤولة عن جميع بنات الوطن، بل مسؤولة عن تقديم تعليم متفرد في التطور يليق بها كجامعة تقدر أن هناك جهات أخرى تشاركها تعليم الفتاة السعودية. بل أقترح على الجامعة التخلص من بعض التخصصات المنهكة التي تقدمها جامعات الجوار، لأن ما تقوم به لا يضيف سوى أعداد مخرجات عادية، ومثال ذلك الطب. لا يوجد خصوصية في كلية طب تابعة لجامعة نسائية ولو دمجت طب جامعة نورة مع طب جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لكان أجدى وأفضل. لقد تجاوزنا الأعداد ونحتاج النوعية وما تقدمه جامعة نورة مبهراً بالحجم ونرغب أن يكون مبهراً بالنوعية..