خالد بن حمد المالك
زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان تستهويني للكتابة عنها، نسبة لنجاحاتها، والنتائج التي أسفرت عنها، والصورة الجميلة التي كانت عليها، وما قيل عنها من تحليلات وقراءات وتعمق في مضامينها، ومع أن هذه هي الحلقة الأخيرة من سلسلة انطباعاتي عنها، فإن كثيرين غيري كتبوا عنها، وأسهبوا في مقالاتهم بتناول القضايا الساخنة -الإرهاب مثالاً- التي كانت مدار مباحثات الأمير، وتلك غير الساخنة التي تركّزت على إقامة جسور جديدة من التعاون بين مختلف القطاعات في كل من الرياض ولندن، وستظل هذه الزيارة التاريخية مدار بحث ودراسة وتعليق بقدر أهميتها، وبالمستوى الذي تستحقه، وبما يتناسب مع حجم نتائجها.
* *
وإذا أردنا أن نتعرف على انطباع الأمير نفسه عن زيارته لبريطانيا، فعلينا أن نقرأ رسالته للملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، ففيها ما يلقي الضوء على رأي الأمير الشاب وتقييمه للزيارة، إذ خاطب الملكة بالقول: أود أن أشيد بالعلاقات التاريخية التي تجمع بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية، يضيف الأمير: كما لا يفوتني أن أؤكد أن المباحثات التي تمت خلال الزيارة سوف تسهم في تعميق هذه العلاقات وتعزيزها، وفي دعم أواصر التعاون المشترك على النحو الذي يحقق تطلعات سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وجلالتكم، بينما يقول في رسالة مماثلة لرئيسة الوزراء دولة السيدة تيريزا ماي: لقد أكدت المباحثات المشتركة التي أجريتها، وإنشاء مجلس الشراكة الإستراتيجي بين بلدينا، العزم على المضي قدماً في تعزيز العلاقات بين البلدين في المجالات كافة، والعمل على استمرار التنسيق والتشاور بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين الصديقين.
* *
وكان سبق مغادرة الأمير لبريطانيا وصدور البيان السعودي- البريطاني المشترك عن الزيارة لقاء جمع سموه بوزير الدفاع البريطاني، حيث تناول تطوير التعاون الإستراتيجي الدفاعي والعسكري، والتوقيع على مذكرات تعاون لتعزيز القدرات الدفاعية وتعميق الشراكة بنقل وتوطين التقنية وتعزيز التعاون العسكري والشراكة الصناعية والتدريب، وفي البيان المشترك عن الزيارة تم الاتفاق على تعزيز دفاعات المملكة بـ 48 طائرة (تايفون) ودعم بريطانيا لرؤية المملكة 2030 وعلى التعاون تعليمياً وصحياً وثقافياً، وفي مجال الترفيه والاستثمار ومكافحة الإرهاب والأمن السيبراني، مع التزام البلدين بشراكة طويلة الأجل تشمل مجموعة من المجالات، وغير ذلك مما توصل إليه الأمير مع البريطانيين خلال الزيارة التي عدت من أهم الزيارات التي شهدتها بريطانيا في السنوات الأخيرة لمسؤول كبير من دول العالم.
* *
والكلام عن الزيارة لا تكفيه ست حلقات فالنتائج المبهرة، والاستقبال الترحيبي غير المعتاد من البريطانيين، وقدرة الأمير على تغيير الصورة النمطية عن المملكة في وسائل الإعلام ولدى المسؤولين والشعب البريطاني، ألقى كل هذا ظلالاً من الأهمية التي طُبعت بها الزيارة في مختلف وسائل الإعلام، والأهم في الزيارة أن الأمير هزم كل من حضّر واستعد لإفشالها، ونجح سموه بامتياز في جعل الزيارة حديث المستقبل لفترة قد تطول.
.. انتهى