يوسف المحيميد
لا أريد التذكير بما تعرض له الراحل غازي القصيبي -رحمه الله- من خصومه وأعدائه الذين فجروا في الخصومة، فهذا معروف ومتاح في الإنترنت، سواء على مستوى الكتابة عنه، أو شتمه صوتًا وصورة في مقاطع الفيديو، لكنني هنا سأتناول أحد أكثر القطاعات الحكومية التي تحفل بمناوئيه وغيره من التنويريين، وهو التعليم، الذي بدأ يتحول مع الوزير العيسى، بل مع عودة البلاد إلى وضعها الطبيعي، بتسامحها وبساطتها بلا تشدد وتنطع في الدين.
فمن كان يتخيل أن يتم اعتماد أحد كتب القصيبي كمقرر في المرحلة الثانوية، ضمن التعليم العام؟ وهو الذي تُقصى بعض كتبه من مكتباتنا حتى وهو وزير؟ فأي مفارقة حدثت، وأي تحول مدهش نحياه؟ فحين كان القصيبي حيًّا أماتوه، وحينما مات جاء من أعاده من الموت، وهذا يفتح أفقًا من الأسئلة، لعل أولها لماذا لا يُقر كتابه ذاك، أعني (حياة في الإدارة) في التعليم الجامعي، مثلاً في كليات العلوم الإدارية، وفي أقسام الإدارة العامة وإدارة الأعمال وغيرهما؟
ولعل هذا يفضي إلى أسئلة أخرى، لماذا تم إقصاء الأدب السعودي الحديث من كتب التعليم العام؟ وحتى من التعليم الجامعي؟ ولماذا تتحفظ بعض الجامعات على أن تكون رسالة بحث ماجستير أو دكتوراه عن أديب سعودي، أو توافق عليه وتتحفظ على أحد أعماله، كما حدث لباحثين وباحثات لم تتم الموافقة من مجلس القسم أو الكلية على موضوعات رسائلهم لأنها تتناول أعمالي الروائية؟ أو تتم الموافقة على الاسم مع التحفظ على رواية أو أخرى، فأين حرية الباحث واستقلاله؟ وماذا بعد مراحل الدراسات العليا، حتى لا يتم منح الباحث أو الباحثة حرية اختيار موضوعه، والأعمال الأدبية التي ستتناولها الدراسة؟
إننا نؤمن بالمستقبل، وتغيّر الحال من سنة لأخرى، فما لم تغيّره القرارات ستغيّره الأيام، وكما عاد غازي القصيبي من باب الإدارة إلى التعليم العام، سيعود غيره من أبواب الأدب المختلفة، وسيتم إنصاف كل الذين رفعوا اسم الأدب في المحافل الإقليمية والعالمية.