د.ثريا العريض
أستكمل معكم الحوار الذي نشر هنا بتاريخ 8 مارس 2011.
«قال الشاب: طلبت منك تكرما أن تعددي أولويات المرأة السعودية في الفترة الحالية في نقاط من 1 إلى 10. قلت: لا أتكلم عن الجميع لأن آرائي خاصة بي وقد لا تمثل غيري. وأولوياتي تختلف حتى عن أولويات بناتي وأنا من ربيتهن جميعاً بنفسي، وحاولت أن يكون لكل منهن نفس القيم وأهمها أن تكون متعلمة مؤهلة تستطيع أن تعمل ويكون لها اكتفاء حاجتها ماديا دون الاعتماد على أحد غير ذاتها. ويبقى أن المشترك بين نساء في مجتمعنا هو كون أعراف المجتمع ثم الأسرة تتحكم في المرأة بصورة تجعلها غير قادرة على اتخاذ خيارات حياتها حتى الحميمة منها. المشترك بين كل النساء ليس نظرتهن إلى كيان المرأة, وهل هي مكرّمة في المجتمع أو فاقدة للثقة والاحترام والحرية؟؛ فهن يختلفن في تقييم تقبلهن للأوضاع من 100% إلى 0%. وبالتالي حتى أولوياتهن تختلف فهناك من ترى الزواج والإنجاب أهم أولوياتها, وهناك من ترى الحب المتبادل أهمها، وهناك من ترى حرية الحركة والثقة المتبادلة أهمها, وهناك من ترى النجاح المادي أهمها. رد: أتفق معك دكتورة: الارتباط بزوج العمر؛ إكمال التعليم والدراسات العليا؛ الحصول على وظيفة؛ إنشاء مشروع خاص يحقق الذات والمادة. ما هو الغالب من وجهة نظرك لدى أغلب الفتيات بالمجتمع من الجيل الحالي أقصد؟ قلت: هناك مستويات من الرغبات والطموحات الفردية أوضحها ما يحظى بدعم المجتمع مثل ضمان المستقبل؛ يبدأ بالاحتياجات المادية والجسدية ومنها الزواج والإنجاب والاستقرار الأسري. وهناك احتياجات الاستقرار النفسي ومنها الرضى عن النفس, والحب المتبادل, وتقدير المجتمع؛ ومنها تحقيق النجاح بكل معالمه المادية والمعنوية. وهي أحيانا احتياجات متضاربة: مثلا هي فتاة ذكية ومتعلمة ومؤهلة وترغب في زوج ناجح مرموق؛ لكن مثله قد لا يرغب في زوجة تعمل وتنجح بنفسها, بل يفضلها جزءا من مقتنياته الشخصية ومتفرغة له ومتقبلة ألا يكون متفرغا لها. وقد ترغب في الارتباط بشاب تتطلع لرفقته لكنه في أول دربه, ما قد يعني عيشة عدم استقرار مادي, واحتمال أن يفضل غيرها بعد صبرها حتى يكوّن نفسه. الغالب هو أن الفطرة والغريزة تتمحور حول رفيق للدرب ذي مواصفات تختلف من شابة إلى أخرى. عاد: أفهم كلامك دكتورة، لكن هل تعتقدين أننا حالياً نقبع في أسفل مثلث ماسلو للاحتياجات النفسية؟ على افتراض أننا نتفهم ذلك النموذج كفكرة وليس بالضرورة أنه قابل للتطبيق أو حقيقة. قلت: لا نستطيع التعيم. قد يكون بعضنا مجتمعيا لا يسمح للمرأة إلا بالمستوى الأدنى من هرم ماسلو. وقد يحترم بعضنا الآخر حقها في نيل كل الرغبات. الفروق بين أفراد المجتمع وفئاته من حيث مستوى التعليم والانفتاح على واقع الآخرين عالميا, وقدرة الفرد على مجابهة ضغوط الأسرة أو القبيلة لإملاء القرار الخاص بالفرد, هي في الأخير ما نرى نتائجه في التصرف الفردي في أي أسرة. وأقول لنكن مجتمعا راقيا: لا تصنفوا وضع المرأة حسب تفضيلاتكم. ولا تفرضوها معممة على كل النساء. اسألوا كل امرأة عما تريد فهي أدرى به، ولماذا هو حق لها, كفرد وليس كفئة يضيع فيها تفردها.»
لا تتسع المساحة أن أستعيد التعليقات على المقال ليتضح مدى وعي المرأة بالتحيز الفئوي الذي ساد مجتمعيا ضد الأنثى وما زال يقنع البعض أنهن لا يستطعن أن يكن مواطنات بكل حقوق المواطنة. والحمد لله أن المواقف المتحيزة في طريقها بالتحول للاعتدال. ليكون لكل امرأة اختيار أولوياتها ومسؤولية القرار.