رجاء العتيبي
يستعد مركز الملك فهد الثقافي خلال الأسابيع القادمة إلى تقديم أعمال أوبرالية وفقا للتحولات الثقافية والفنية والترفيهية التي شهدتها البلاد مؤخرا, والتي تلقى اهتماما كبيرا من الجمهور السعودي بمختلف شرائحه وأجياله, فلم يعد الأمر مقتصرا على المسرح والحفلات الغنائية, بقدر ما أصبح منفتحا على كثير من الفنون العالمية, والأوبرا واحدة منها، وهي من الفنون التي تقدم لأول مرة على مسارحنا كتجربة ثرية تعزز الحراك الثقافي والفني وتؤسس مفاهيم جمالية أخرى لا تجد الجماهير السعودية صعوبة في استيعابها والتفاعل معها.
والتجربة الأولى تمت مستهل الأسبوع الماضي نظمتها جمعية المحافظة على التراث بجامعة الأميرة نورة وليس بمركز الملك فهد الثقافي كما أشرنا في المقال السابق, ولكن المركز لديه فعاليات أوبرالية جديدة تمثل قيمة مضافة لهذا النوع من الفنون ويتوقع لها أن تحظى بمتابعة جماهيرية كبيرة كما هي العادة لأي نشاط يقدمه المركز.
لا يمكن أن نقول إن الأوبرا فنا جديدا على الجماهير السعودية, ففي ظل انفتاح بلادنا على العالم, ووفقا لقوانين العولمة, فإن كثيرا من السعوديين قد شاهدوا الأوبرا تلفزيونيا أو حضروها في مواقعها الأصلية أو جاءت جزءا من نقاشاتهم وأحاديثهم الرسمية أو الودية أو الإعلامية, فهي جزء من ثقافتهم وتجاربهم ومشاهداتهم.
الجمهور السعودي عندما يشاهدها على مسارحنا لأول مرة, لن يسألوا عن اسمها وشكلها ونوعها, إنهم يعرفونها جيدا, وسيرون أنفسهم محظوظين بحضورها والتواصل معها وجدانيا وفنيا وجماليا, وستكون ضمن جدولهم في عطلة نهاية الأسبوع.
ويمكن لنا هنا نقل تعريف للأوبرا للذين لديهم لبس حول مفهومها وشكلها وطبيعتها, قدمه أحمد بيومي ي كتابه (القاموس الموسيقي، دار الأوبرا المصرية) يقول: « الأوبرا عمل مسرحي غنائي مؤلّف درامي غنائي متكامل يعتمد على الموسيقى والغناء، يؤدى الحوار بالغناء بطبقاته ومجموعاته المختلفة، موضوعها وألحانها تتفق وذوق وعادات العصر التي كتبت فيه وتشمل الأوبرا على الشعر والموسيقى والغناء والباليه والديكور والفنون التشكيلية والتمثيل الصامت والمزج بينها. كما تشمل أغانيها على الفرديات والثنائيات والثلاثيات والإلقاء المنغم أو الرسيتاتيف … والغناء الجماعي (الكورال) وبمصاحبة الأوركسترا الكاملة».
ويمكن للمهتمين أن يدخلوا محركات البحث ( فيديو) ليروا نماذج حية لهذا النوع من الفنون الذي بات جزءا من الذائقة الفنية السعودية, وشكلا مهما بات يستقطب الكثير, ويجد له موطئ قدم على مسارحنا الحالية, فيما العمل جار لأن يكون له مقره الخاص وفقا للمواصفات العالمية.
يبقى التحدي متعلقا بالدعم المادي, والأنظمة الاقتصادية, وقناعة رجال الأعمال بجدواه الاقتصادية.