د. حسن بن فهد الهويمل
عجرفة [الرجل الأبيض]، وغطرسته ترمزان إلى صاحب [النظرية] - أي نظرية بـ [سين] من الناس، لمجرد أنه غير [أمريكي].
مع أن الشعب الأمريكي ملفق من جنسيات متعددة، هاجرت إلى أمريكا من آفاق الأرض، وقضت بعنف، ووحشية على المواطن الأصلي. ومن بقي شُوِّهت سمعته. حتى أصبح بفعل الإعلام المضَلِّلِ متوحشاً. وانتهبوا من بعد [الزنوج] ليكونوا أمثال [الهنود الحمر]؛
هذا [التفريغ]، و[التشويه]، و[الاستغلال] يمارس بين الحين، والآخر ضد من يتململ تحت أقدام [الرجل الأبيض] من [العرب] المستضعفين.
تلك خاطرة، تمد بسبب إلى رسالتي الموجهة بالحكمة، والموعظة الحسنة إلى [سينات] من الناس غُثَائِيَّةٍ مُغْثِية. خطرت على البال من باب [التداعيات].
وأنا حين لا أنعم بملكة الحفظ ، أتمتع بِمَدَد [التداعيات]. وفيها إثراء معرفي، ألمسه فيما أكتب.
هذه [السينات] من الناس مبهورة، مندهشة، من [الرجل الأبيض]، حتى لقد أصبحت رُسَلَه طائعة مختارة إلى المستضعفين كافة، للترويض، والتخذيل.
ولست مُعْتَرِضَاً على خضوعها. وخنوعها. وركوعها. بل ولا على انبطاحها، متى شاءت، حين لاتستحي، فذلك شأنها:-
{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ}.
ولكن أن يَقْتَادُوا غَيْرهم بسياط ألسنتهم، ليكونوا أمثالهم. بل رُبَّما تمتد هلوستهم إلى أمتهم كُلِّها. بحيث يمارسون معها الضرب من تحت الحزام، فتلك المقترفات جنايات تستدعي الأخذ على أيديهم، لأن ممارساتهم تلك سفاهة لاتحتمل، ومن المؤكد أنها ستترك أثرها مع الزمن:-
[كُلُّ الذُّنُوبِ لَهَا عُذْرٌ ومَغْفِرَةُ … إلاَّ الذُّنُوبِ التي تَسْتَعْبِدُ الوَطَنَا].
ظاهرة [الاستغراب] كظاهرة [الاستشراق]، مع الفارق الكبير، بين من يخدم حضارته بالعلم، والذكاء، والمكر. ومن يخْذلها بالتخبيص، والتهريج، والغباء المعتق.
[المستشرقون] اختيروا بذكاء، وصُنِعوا بمهارة على أعين المستعمر، وتعلموا لغات الشرق، واخترقوا عوالمه كلها، منذ مؤآمرتي [دار الندوة]، وتشييد [مَسْجِد الضرار]، وحتى الساعة التي أنت فيها.
والمستشرقون:-
إما عملاء: لـ [الصليبية] التقليدية الحاقدة، التي فشلت حملاتها العسكرية، فاستبدلتها بحملات فكرية.
أو هم عملاء لـ [سياسة المصالح] التَّعَسُّفِيَّة، والهيمنة: الثقافية، والاقتصادية، والعسكرية، التي تستدعي كسر العَظْمِ، وتَضْليل الرأي، والإبقاء على الجهل، والتخلف.
أو هم مجندون لاسْتِلابِ التراث: حِسَّاً بـ [سرقة المخطوطات]، أو معنى باستثمار المنجز الحضاري الإسلامي: ترجمة، وتحليلاً، وتصنيفاً.
أو هم مكلفون لتشويه [الحضارة العربية]، وازدراء إنسانِها، والتحذير منه، بوصفه معوقاً للثورة العلمية، والحياة الكريمة.
[سين] من الناس، وما أكثر [السينات] التي تهافتت على ضريع [الظاهرة الغربية] واستدبرت ضَرْعَها المدرار، يُسَبِّحون بحمدها، ويقدسون إنسانها، ويزكون مُنْكر أفعالها. ويزدرون قومهم، إذا رجعوا إليهم. بل يرونهم كما يراهم [الاستشراق] المجند عارَ الإنسانية، وسُبَّةَ الدهر.
حتى قال قائلهم:- [الغرب لم يعرف الإنسان العربي إلا من خلال [النفط]، أو [الإرهاب] أو ــ كما قال ــ أرشدنا الله، وإياه إلى سواء السبيل. وكيف يتأتى لتلك المقولة القبول، والرسول إنسان عربي؛
الإنسان العربي عند الغلاة من [السينات] نكرة مجهولة، حتى اكتُشِفَ [النفط] في أرضه، وحتى تمنطق بالأحزمة الناسفة. ولَغَّمَ الأرضَ بالمتفجرات. وأهلك الحرث، والنسل:- {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ}.
هذه [السينات] [المُتَرَبْلِلَة] دون وعي بأقْنِعَتِها المخادِعة، لم تقدم مشروعاً حضارياً بديلاً، يناسب العصر، ويقيل العثرات، ويعيد الأمة إلى الحياة السوية. وإنما اكتفت بتشويه الذات، وتصنيم الآخر. على سَنَنِ الهدامين. كـ [القصيمي].
ولأن مثل تلك المقولة الظالمة، الجائرة، الكاذبة تحمل داءها، كالذي يحمل أوزاره على ظهره، فإن من الفضول تفنيدها.
[الإنسان العربي]، و[الحضارة العربية]، و[الإرث العربي] لها وجود تاريخي، يملأ الرحب: الغربي، والشرقي ــ على حدٍّ سواء ــ ، منذ أن نزلت آيات {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5). و{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}.
لقد أشرت إلى أن المقصود بـ [العلماء] هنا هم [علماء الطبيعة]، والعلم التجريبي وليسوا [علماء الفقه]. لأنهم يكتشفون بمعاملهم، ومختبراتهم، ومجساتهم، ومسابيرهم عظمة الخالق، وشيئاً من نظام الكون المبهر.
فكيف يكون الإنسان العربي المسلم خارج التاريخ الإنساني، نكرة إلا من خلال [النفط]، أو [الإرهاب].!
وكيف يكون خارج التاريخ! وأول صلة بين [السماء]، و[الأرض]: [القراءة] و[الكتابة]. وهما إكسير الحياة ،وعلامة الإنسان السَّوي.
[الإرهاب] صناعة غربية، شكلته اللعب القذرة منذ [الحرب الأفغانية].
و[التخلف] إرادة غربية كرسه الاستبداد، والاستعباد.
و[الاستعمار] ممارسة غربية قذرة، سلبت إنسان العالم الثالث حريته، وسيادته، وإن لُمِّع بمصطلح [مابعد الاستعمار].
ومن تعدى على سيادة أمة، -أي أمة- واحتل أرضها، واستغل خيراتها ظلماً، وعدواناً فهو متوحش إرهابي، كائناً من كان.
والحملات: الصليبية، والفرنسية ممارسة غربية دَمَّرت، وَأَضَلَّت، وَفَرَّقَت، واسْتَغَلَّتْ.
{فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
الغربي بمقياس القيم الإنسانية، متخلف، متوحش. وإن حكم العالم بقوته، وبهرها بمكتشفاته.
وتظل أرضُ العروبة، وأدمغةُ أهلها ساحة المعارك: الفكرية، والعسكرية. تأتيها الدول الباغية الظالمة من كل فج عميق.
السلاح غربي. والتدبير غربي. والتدمير غربي. وأمتنا سُوحُ ذلك كله، شاءت، أم أبت. ولديها القابلية للاستعمار، والتَّبعية.
[السينات] من الناس هم الذين يُرَوِّضون الإنسان العربي، ويخادعونه، ليطول أمد المسخ:- {وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}.
و[السينات] تقول ماقالت [حذام]. تستمد لحمة خطابها من طفح الاستشراق العميل. إنهم بخطابهم الماسخ، الممسوخ جزء من المؤامرة.
وداؤهم العضالُ أنَّهم لم يُلقوا السمعَ، وهم شهود للصراع الدامي، الآني في [الشام] و[العراق] وسائر بؤر التوتر. ولم يعرفوا الآمر، والناهي، والمدبر.
[الأعاجم] وحدهم الذين يتبادلون المهمات، والمواقع: [أمريكا]، و[روسيا]، و[إيران]، و[إسرائيل]، و[تركيا] كل أولئك يمارسون القتل، والتدمير في [دمشق الأمويين]، و[عراق العباسيين]. ودعك من [فلسطين]، و[الربيع العربي]، و[سائر الانقلابات العسكرية].
- فمن جاء بهم لأرضنا؟.
- وماذا يريدون؟
- وهل هم طامعون، أم خائفون؟.
- وأين غيرة [السينات] على المحارم، والأنفس، والممتلكات؟
لقد استدبروا القضايا الماثلة أمام أعينهم، ورضوا بأن يكونوا مع الخوالف، يُسْتَغَلُّونَ طواعية للتوهين، والإحباط، والخبال.
يتبع…