عبدالله العجلان
كنت وما زلت أطلب بالاستقرار الإداري والفني، وأعده ـ أي الاستقرار ـ في أي جهة أو قطاع كبيرا كان أو صغيرا من عوامل وعناصر النجاح والارتقاء، والحاجة له في الأندية والمنتخبات والشأن الرياضي عموما تكون أكبر وأكثر تأثيرا، بسبب ما ينتجه من تناغم وتجانس وبناء لروح وعطاء الفريق الواحد، ورأينا ذلك بوضوح في أندية ومنتخبات تألقت وحققت إنجازاتها بفضل استقرارها سنوات طويلة..
بالنسبة لنا الوضع مختلف وعدم الاستقرار تحول إلى معضلة، بل زاد عن ذي قبل حيث أصبح تغيير المدرب يتكرر في الموسم أكثر من مرة وقد يصل إلى ثلاثة وأربعة مدربين في الموسم الواحد، والأمر لم يتوقف على المدربين فحسب وإنما تطور وأصبح يشمل الإداريين وكذلك رؤساء الأندية، وهذا بالتأكيد له آثاره السلبية المعيقة لأهداف وخطط وبرامج وأيضا طموحات جماهيرها، فضلا عن الخسائر المادية من إجراءات التعاقد ثم الإلغاء وما يترتب عليها من شروط والتزامات مالية مكلفة، كما أن تغيير الرئيس أو إلغاء عقد المدرب أو حتى اللاعب قبل انتهاء عقده دليل فوضى اختياره إن كان سيئا، أما إذا كان عكس ذلك فإن القرار في هذه الحالة ماهو إلا للتخدير وامتصاص غضب الجماهير وأحيانا لصرف أنظارهم عن الأخطاء الإدارية..!
احسنوا الاختيار وجربوا الاستقرار بالذات للمدربين ولو لموسمين متتاليين، لا نقول خمسة أو عشرة أو عشرين موسما كما في ألمانيا وإنجلترا ..!
عساها بحملها تثور!
شهد الموسم الحالي عددا من القرارات الجديدة التي تم تطبيقها في الدوري السعودي لأول مرة، كان أبرزها وأكثر جدلا زيادة عدد اللاعبين غير السعوديين إلى ستة ثم إلى سبعة، ومنذ الوهلة الأولى كان هنالك شبه إجماع على أن الزيادة بهذا الكم لم تكن مناسبة رغم أن البعض يرى تأجيل تقييم التجربة حتى نهاية الموسم..
شخصيا اتفق مع الرأي الأول، وفي تقديري أن الحكم على تجربة كهذه ليس بالضروري تأجيله إلى نهاية الموسم لأسباب عديدة أهمها : أن هذا العدد من غير السعوديين الذي يصل إلى أكثر من نصف الفريق سيكون على حساب فرصة اللاعب السعودي سواء المصنف في الفريق الأول أو القادم من الفئات السنية، وبالتالي تأثير ذلك على المنتخبات السعودية بوجه عام، إضافة إلى أنه سيجعل إدارة النادي تنشغل قبل وأثناء وبعد فترة التسجيل الصيفية والشتوية باختيارات اللاعبين الأجانب وتوفير قيمة عقودهم، والكارثة أن المؤهلين والمفيدين للفريق لا يتجاوزون الأربعة في أفضل الحالات، والبقية أما على الدكة أو خارج التشكيلة، والأكثر ضررا من هذا كله إذا كانت أزمات ومشاكل وقضايا الأندية المالية موجودة أصلا بسبب عقود المحترفين الأجانب الأربعة فمن البديهي أنها ستكون أسوأ وأقسى بعد أن أصبحوا سبعة، ما يجعل الأعباء المالية ترتفع إلى الضعف، في المقابل قلتها في بداية إقرار الزيادة وأكررها اليوم: ليس هنالك إيجابية لها سوى أنها ساهمت إلى حد ما في تخفيض عقود المحترفين السعوديين بعد أن بلغت أرقاما فلكية تفوق بكثير مردودهم الفني على فرقهم.!
طالما أن الأمور بهذ الشكل وأن ضرر التجربة على الأندية والمنتخبات أكثر من نفعها فعلى اتحاد الكرة إلا يكابر ويقتنع ويعترف بعدم جدواها، وأن استمرارها سيشكل خطرا فادحا على حاضر ومستقبل الكرة السعودية، وبخاصة بعد إعلان زيادة عدد اللاعبين الأجانب في دوري الأمير محمد بن سلمان إلى أربعة، وكذلك السماح لأندية دوري الدرجة الثانية بالاستعانة بلاعبين أجنبيين، ما يعني أن عدد اللاعبين غير السعوديين في الملاعب السعودية سيصل إلى 240 لاعباً إلى جانب 104 لاعبين من مواليد المملكة، فهل سيجد اللاعب السعودي فرصته وسط زحمة 344 لاعباً؟ وكيف ستتعامل الأندية في ظل ظروفها الصعبة وشح مواردها وتنامي ديونها مع هذه الأعباء المرهقة المزعجة ماليا؟!