سعد الدوسري
هي لم تكن زيارةً سياسية تاريخية ومتفرّدة، بل كانت مشروعاً ثقافياً أيضاً. فبعيداً عن أروقة الحراك السياسي بين ولي العهد والمسؤولين البريطانيين، كانت هناك فضاءات للحراك الثقافي. كانت هناك أيامٌ ثقافية لم تهدأ طيلة فترة الزيارة. ففي مبنى «فيليبس» وسط العاصمة لندن، طرحَ الشبابُ والشابات السعوديون إبداعاتهم الثقافية والفنية الحديثة، وعرضوا ملامحَ من تراثهم المتجذّر في التاريخ، وكأنهم يقولون:
- نحن هنا، كشعبٍ أثبتَ جدارته على الصعيد الحضاري، نحن هنا للحوار الندّي معكم، لكي نرسم وإياكم مستقبلنا المشترك.
«كُلّي»، عنوانٌ يختصر برنامجَ حضورنا الفكري والثقافي والإبداعي والتراثي، على هامش الزيارة السياسية للمملكة المتحدة، وهو ما يجب أن يرافق كل الزيارات المستقبلية للمسؤولين السعوديين، لدول العالم أجمع. فنحن لم نعد مستهلكين للحضارة، بل منتجين لها، ثقافةً وفناً وحواراً. وإذا كنا قد تجاهلنا هذا الجانب في الماضي، ودفعنا لذلك التجاهل أثماناً غالية، فإننا نضعه اليوم على رأس القائمة، ونجعله عنواناً لنا، لا يقل أهمية عن العنوان السياسي.
هنا السياسة السعودية، وهنا الإنسان السعودي، بفكره الاقتصادي والثقافي والفني، وبمنجزاته الإبداعية، في شتى المجالات.