يوسف المحيميد
تتركز كثير من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم التي توقعها المملكة مع مختلف دول العالم على مدى عقود طويلة على الجوانب الاقتصادية، وهو ما صنع النمو والازدهار الاقتصادي الذي نعيشه اليوم، لكن ما يحدث خلال السنتين الأخيرتين مختلف إلى حد ما، فقد بدأ التركيز على توقيع اتفاقيات تهتم بالتعليم والثقافة والفنون، وهو أمر مهم للغاية، سيسهم في بناء الإنسان وتثقيفه، ويصنع مجدًا إضافيًا لكوادرنا البشرية، بالذات الكوادر الشابة من الجنسين.
ففي الزيارة التاريخية لولي العهد إلى المملكة المتحدة تم توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المهمة في مجالات الغاز والطاقة النظيفة وغيرها، لكن اللافت هنا هو مذكرات التفاهم الأخرى ذات البعد الثقافي، كمذكرة التفاهم التي وقعتها الهيئة العامة للثقافة في إطار عمل للتعاون المشترك من خلال سلسلة ورش العمل والإنتاجات المسرحية المتميزة بمشاركة موهوبين من الشباب والفتيات من المملكة، وهي خطوة مهمة تعني إنصاف الفن عمومًا، والمسرح السعودي خصوصًا، بعد سنوات التجاهل والتهميش والاجتهادات الفردية المتواضعة، فمثل هذه الورش ستكون مخرجاتها أسماء مميزة في المسرح سواء على مستوى التمثيل أو الإخراج، أو عناصر المسرح الأخرى.
أيضًا توقيع مذكرة تفاهم في بريطانيا عن التعليم تنص على بناء ودعم التعاون بين الطرفين لتحسين مستوى التعليم في المملكة في إطار رؤية 2030 وعقد حوار تعليمي سنوي بين المملكتين، وإجراء بحوث في مجال إصلاحات النظام التعليمي في المملكة، وإعداد منهج متفق عليه لتنفيذها، وتأسيس شراكات تعليمية استراتيجية مع القطاع الخاص لتحسين جودة النظام التعليمي لدينا... كل هذه الجوانب ستغير التعليم تدريجيًا، وكل هذه المذكرات في مجالات التعليم والمعرفة والثقافة والفنون التي تنفذها وزارة التعليم وهيئة الثقافة وهيئة الترفيه ومركز الملك عبدالعزيز الثقافي (إثراء) ومسك الخيرية، كلها تشير إلى أن الدولة تتجه مجدداً إلى بناء الإنسان وفق التحولات الجديدة، سواء في الداخل أو الخارج.