إبراهيم عبدالله العمار
سؤال يهم الجميع! في عام 1976م اقترح العالم الاقتصادي مايكل جينسن نظرية الحافز المادي، وتقول إن المال والماديات هي التي تجعل الناس يفعلون ما تريدهم أن يفعلوه، فإذا كان أحد موظفيك لديه الكثير من الأشغال وأردت إضافة المزيد إليه فما عليك إلا إعطاؤه زيادة مالية. هذا من أكبر أسباب الرواتب الهائلة (في أمريكا خاصة) لمدراء الشركات، أي أن يزيد الراتب مع زيادة الأرباح، ولو كانت زيادات فاحشة.
من أفضل الطرق لمعرفة صحة النظريات أن تلاحظ الحالات الشاذة التي لا تقدر النظرية أن تفسرها. المشكلة في هذه النظرية أنها لا تفسر مثل هذه الحالات، فمثلاً مِن أشد الناس إخلاصاً واجتهاداً من يعملون في المنظمات الخيرية وبعضهم يعمل في ظروف خطيرة ومناطق شاقة كالمجاعات والكوارث ومناطق الحروب، ولا يأخذون ولا جزءاً مما يأخذه رؤساء الشركات، بل منهم الكثير ممن يعملون بلا مقابل مادي، ورغم هذا لا تجد صعوبة في تحفيزهم. إذاً نظرية الحافز المادي تفشل هنا، ولا عجب أنها أتت من أمريكان، ففي أمريكا المال هو الإله والرأسمالية الوحشية هي الدين.
هناك نظرية أخرى تحاول تفسير هذا الشيء هي نظرية الدافع أو التحفيز المعنوي، وتقول إنه لا يهم ما تعطيه للشخص من إغراءات مادية لأن هناك فرقاً بين الحافز المادي وبين التحفيز المعنوي، وأن التحفيز الحقيقي يأتي من الدافع الداخلي، وذلك بأن يريد الشخص فعل ما يفعله، وهذا يستمر في السراء والضراء.
هذا فعلاً ما يحرك الناس: أن تزرع داخلهم ما ينشّط همتهم ويدفعهم دفعاً تجاه تنفيذ هدفٍ معين، وهذا شيء يستمر لفترة طويلة، غير الحافز المادي الذي لا أثر طويل أو عميق له.