د. خيرية السقاف
تعتبر الصحف من أوعية النشر الرئيسة، وهي بدأت في العالم أجمع على أيدي الأدباء، وإلى أن استقلت بالمهنيين حتى عهد الاحتراف في العمل الصحفي، والتخصص الأكاديمي في علوم المهنة فهي لا تزال وعاءً في محتواها لأقلام الأدباء، ولا أحسب أن الصفحات منها التي تخصص للثقافة، والأدب فيها هي وحدها التي تضمن للكاتب فيها صفة «الأديب»، أو صفة «الصحفي»، فالأديب تحكمه الأفكار، واللغة، والرؤى، والأسلوب، كما تحكم المادة الصحفية ونوعها المهني له بحرفته..
فمن يكتب عن الزهرة، ومن يكتب عن هدر الماء كلاهما كيف يعبران عن الفكرة هو ما يحكم لهما بما يكتبان إن كان في ضفة الأدب قالباً وأسلوباً، أو في ضفة الحرفة الصحفية التي لها صياغاتها، وقوالبها تقريراً، وإخباراً..
كان الأدباء يديرون الصحف، ويعنون بجانبها المهني، في الوقت ذاته يكتبون عن مشكلات الكهرباء، والماء، والسكن، والحفريات، والمواصلات، والخدمات الأخرى، ومشكلات المجتمع، والتعليم، والسياسة، والمال، وقضايا الناس الاجتماعية المختلفة، يقدمونها في نثر أدبي بالغ ما يهدفون، كما ينظمون فيها نظماً يخلو من المؤثرات الفنية للشعر، وما وسموهم بالصحفيين، ولا أخرجوهم من دائرة الأدباء، والشعراء، أو أقصوهم عن مجالهم!..
تستوقفني هذه الملاحظة، وهناك من تَرُكُّ عبارتُه، وتتعثَّر رؤاه، من تتكسر مرفوعاته، وتنبسط منخفضاته، من تتسطح أفكاره، وتفرغ مخيلته، من تندر أحلامه، لكنه في أضمومة الوُسوم أديباً!..
الخلاصة أن الصحف بأقنيتها المختلفة لا تخلع بأقسامها، و»ترويساتها» صفحاتها على كتابها الصفات، ولا تصنفهم في الفئات، ولا تخرج ما يكتبون عن المجالات، لكن الناس وحدهم يفعلون، حين لا يميزون ما يقرأون!!..
إن الصحف ستبقى ميداناً رحباً، وسبيلاً موصلاً بحيوته للأدباء كما هي للصحفيين، ويبقى لكل حقه، وصفته.