د.عبدالله الغذامي
تعاقبت علي الرحلات العلاجية ، والذي تكشف لي أن هناك أشياء في داخلي صارت تعبر لي بطرقها الخاصة وهما أمران محددان : المعدة والذهن ، وبينهما تآلف يجعل إحداهما تعبر عن الأخرى ، وهذا ما وجدته في لغة المعدة حيث تبدأ في الارتباك مع حرصي على نظام غذائي يعتمد الخضار والفواكه والتمر والزبادي ،وكله أكل البيت وليس المطاعم حتى مع مكوثي في ألمانيا وبريطانيا للعلاج على فترات شهرية في غالبها ، لكن معدتي تأخذ في كيل الاحتجاجات معبرة لي عن قلقها وارتباكها ، وتتصاحب مع ربكة التغير المظهري من اللباس اليومي في التحول من الثوب إلى البدلة ومع نظام الممشى والمشهد والمسمع ، وكلها تغيرات جذرية من حالي في الرياض إلى حالي في أوروبا ، وهنا يتحد الذهن المرتبك مع المعدة المرتبكة وتغير الأوضاع عليهما ولا يستقران على أمر حتى يأتيهما غيره ، وإذا تعودت على الحس الألماني مع الأشياء عدت للرياض شهرا هنا وشهرين هناك ، وصرت كمن يقلب صفحات كتاب وما يلبث أن يعود لما كان فيه من سطور ثم يتركها ليقفز لغيرها ، قبل أن يكمل الفصل ، ومع أن عقلي يعي هذا التغير ويمنهجه ويراه متوافقا ، لكن أشياء في جسدي تظل تقدم احتجاجاتها بلغة لا حيلة لي معها ، خاصة قلق المعدة الذي لا يريد أن يهدأ مهما حاولت تهدئته ،ولكن المطمئن في اللعبة كلها أني كلما عدت للرياض هدأت الاحتجاجات ، وأظل عاجزا عن فهم هذه الورطة مع نظام الذاكرة الجسدية وكيف بها تأبى الخس الإنجليزي وتقبل الخس السعودي ، وكيف أدركت أني لبست البدلة وخلعت الثوب لكي ترفع احتجاجها بعد كوب قهوة في لندن أو فطور في مانشستر .....!!!