«الجزيرة» - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية:
تجمع المملكتان السعودية وبريطانيا علاقات ثنائية استثنائية طويلة الأمد منذ عشرات السنين جمعتهما روابط مشتركة عديدة، واقتصاديا في سياق ظل الطفرة المتزايدة التي يشهدها الاقتصاد السعودي خلال العشر السنوات الأخيرة (2007 - 2017)، فقد شهدت العلاقات التجارية بين البلدين نمواً ملموساً، حيث تطور حجم التبادل التجاري من 14.8 مليار ريال في 2007م إلى حوالي 31 مليار ريال في 2017. وسنوياً كانت صادرات المملكة لبريطانيا تقدَّر بـ 38 % من هذا التبادل، مقابل 62 % صادرات بريطانية للمملكة. وكان الشكل التقليدي لهذه التجارة عبارة عن تصدير زيوت ونفط ومنتجات كيماوية لبريطانيا، في المقابل كانت السعودية تستورد قطع غيار طائرات ومنتجات حديد وسفن وأدوية. أما على مستوى التدفقات الاستثمارية، فكان يوجد ما بين 200-250 مشروعا مشتركاً بين المملكتين بإجمالي استثمارات مباشرة لبريطانيا في السعودية تقدّر بحوالي 12.5 مليار ريال.
خارطة طريق جديدة مع بريطانيا
المتابع لتطورات الزيارة سيلحظ أن ولي العهد عازم على فتح آفاق جديدة وإحداث تغييرات جذرية في الشكل التقليدي للتجارة والاستثمار والشراكة المبنية من عشرات السنين مع بريطانيا. ويمكن لنا استقراء هذه التغييرات في إحداث ثلاث منظومات اقتصادية جديدة وهي: التوسع الاقتصادي وتحفيز الطلب، ودفع التجارة، وتشجيع الاستثمار.
وفيما يتعلّق بالتوسع وتحفيز الطلب ناقشت وفود الدولتين مرات عديدة سبل تحفيز التجارة بينهما ولكن يبدو أن الزيارة الحالية لسمو ولي العهد ستكون الدفعة الأكبر لتحفيز التجارة، بإعطاء دفعات إضافية من التسهيلات القانونية والإجرائية واللوجستية لتسهيل عبور واجتياز التجارة بين المملكتين. وتعتقد «وحدة ابحاث الجزيرة» أن الطريق الآن سهل وممهد لتخفيض مستويات الحماية التجارية المفروضة على السلع والخدمات بين المملكتين، فضلاً عن التفكير في بناء مسار جديد للمعاملة الجمركية التفضيلية بين المملكتين. وخصوصاً أن المملكة العربية السعودية تعد ضمن أهم الأسواق الأعلى نمواً وطلباً أمام الصارات البريطانية، لذلك، فإن زيارة سمو ولي العهد تأخذ طابع الأهمية القصوى للمصدرين البريطانين، وخاصة عندما يتعلّق الأمر بصادرات خدمية غير معهودة في التجارة بين البلدين، مثل الترفيه.
دفع الشراكة والقطاع الخاص
الطريق الأكثر ديمومة للتجارة والاستثمار هو فتح باب الشراكات الاقتصادية أمام القطاع الخاص في البلدين، لأنه المسار الأعلى نشاطاً لرفع معدلات التدفق الاستثمار أولاً ثم التبادل التجاري ثانياً. فالإعلان عن صفقات تجارية تناهز الـ100 مليار دولار، يمثّل قفزة جديدة في علاقات المملكتين، وخاصة عندما تشمل اتفاقيات مع القطاع الخاص ومذكرات تفاهم في مجالات التكنولوجيا والتعليم والأمن. وتشير القراءة الأولية إلى اعتزام ولي العهد إحداث تطوير في مجالات بعينها، تتعلّق بالتقنية والتعليم، وهي قطاعات الطفرة الجديدة في المملكة طلباص واستثماراً. وتتضح رؤية سموه في دفع الشراكة المتبادلة من خلال مساري الشراكة فالأولى تتمثّل في دفع التجارة بزيادة الصادرات والواردات، والثانية دفع الاستثمار بزيادة الاستثمارات المباشرة بين البلدين، فضلاً عن تنشيط المشروعات المشتركة، والتي تنال أهمية خاصة في زيارة ولي العهد، لأنها هي التي تفتح مجال التعلّم ونقل الخبرات التكنولوجية من الشركات البريطانية إلى الشركات السعودية. وتعتقد «وحدة أبحاث الجزيرة» أن هذه الزيارة تعد أكثر من مجرد زيارة رسمية بين الدولتين، لتصبح خارطة الطريق الجديدة للتعاون والشراكة خلال العشرين عاماً المقبلة.