عثمان أبوبكر مالي
حوَّلت هيئة الرياضة كثيرًا من الشعارات التي رُفعت مؤخرًا إلى واقع ملموس عمليًّا، من خلال التنفيذ الحقيقي للأفكار التي تؤمن بها، والمشاريع التي تتبناها، خاصة ما يتعلق منها باللعبة الأهم والأولى والشعبية، وهي كرة القدم، (بالشراكة) مع الاتحاد السعودي لكرة القدم، وأصبحت كثير من التفاصيل موضع اهتمامها، وإن كان بعضها لم يترجم بعد
من البشائر الجديدة التي لم تعرف تفاصيلها بعد. هناك توجُّه للهيئة نحو إنشاء (شركة خاصة للحكام)، ستكون مسؤوليتها (تنظيم التحكيم السعودي)، والاهتمام بالحكم وكل ما يتعلق بأموره العملية والمالية والتطويرية، من خلال توقيع اتفاقيات مع الجهات التي لها علاقة بهذا العمل، الذي يعدُّ واحدًا من (المشاريع التطويرية) التي تحظى باهتمام معالي المستشار رئيس هيئة الرياضة شخصيًّا.
من التفاصيل المهمة التي أتمنى أن تجد التفاتة واهتمامًا من الهيئة (التعليق الرياضي)؛ فالتعليق الرياضي على مباريات كرة القدم يحظي باهتمام المشاهدين ومتابعي المباريات عبر النقل. والملاحظ عندما تكون هناك خيارات، وأكثر من قناة، أو أكثر من صوت يعلق على مباراة واحدة، أن يختار البعض القناة التي فيها معلق مرغوب أكثر من اختيارهم القناة الأكثر جودة وتقنية في النقل؛ وذلك على اعتبار أن (استساغة) الصوت والقدرة على الوصف والتعليق ربما تساهمان أكثر في (الفرجة) والاستمتاع بالنقل. وأحيانًا نسمع أن (المعلق فلان) يقتل المباراة، وهو أمر يتم بطرق كثيرة.
مؤخرًا لم يعد المشاهد السعودي يجد خيارات كثيرة (محلية) ينحاز إليها؛ وذلك يعود إلى ثلاثة أسباب رئيسة من وجهة نظري:
الأول (انحسار) عدد المعلقين السعوديين، وتقلصهم بشكل كبير وواضح، بعد اعتزال (عمالقته) القدامى والسابقين. والأمر الثاني (الغربة) التي شهدها التعليق الرياضي في السنوات الماضية، و(اختفاء) معلقينا البارزين أو انزواؤهم خلف أسماء عربية في قنوات خارجية. والسبب الثالث و(الأهم) هو اختفاء المعلقين (الحقيقيين) الذين تكتمل فيهم (شروط ومواصفات) التعليق الرياضي، التي يأتي في مقدمتها الموهبة وجمال الصوت والثقافة العلمية والكروية وسرعة البديهة والحياد، والتفريق بين دوره بوصفه واصفًا ومعلقًا، ومتى يحتاج هذا؟ ومتى يتحول إلى ذاك؟ ومن يحققون ذلك اليوم معلقان أو ثلاثة على الأكثر.
الأمل أن هيئة الرياضة وهي تهتم بكل الأمور التي تتعلق بكرة القدم، وتتبناها، أن تلتفت إلى (التعليق الرياضي) وتحتضنه أسوة بالتفاصيل الأخرى التي اهتمت وستهتم بها؛ لما للتعليق من أهمية ودور كبير في جذب المشاهدين، وإثراء المباراة، ورفع ذائقة الاستماع والبهجة بها بالتعليق الحقيقي، وليس بالصراخ واجترار المعلومات. وانقلوا على لساني أن معلقًا يمكن أن يقتل مباراة، بينما لا يمكن لمباراة مهما كانت مثيرة أن تجعل من (مهرج) معلقًا!
كلام مشفر
* أقترح على هيئة الرياضة فكرة إنشاء (أكاديمية للتعليق الرياضي)، تهتم بإخراج معلقين شباب مؤهلين وموهوبين، يتلقون (أصول وقواعد) التعليق بعد انتقاء الراغبين وفق شروط ومواصفات (علمية)، يتم تحديدها سابقًا.
* ويتولى تعليم أولئك الموهوبين أساتذة التعليق الرياضي المعتزلون، مثل علي داوود ومحمد البكر، وأيضًا الأسماء المتمرسة مثل الدكتور نبيل نقشبندي.. وغيرهم. وتكون هذه الأكاديمية (عوضًا) عن لجنة المعلقين التي اختفت، وانتهى دورها بعد أستاذَي التعليق الرياضي زاهد قدسي - يرحمه الله - ومحمد رمضان - شفاه الله -.
* والأكاديمية لن تكون (خاصة) بكرة القدم، وإنما يمكن الاستفادة منها في تقديم معلقين متخصصين في الألعاب الأخرى، خاصة أن لدينا العديد من الأسماء الخبيرة في التعليق الرياضي في جميع الألعاب، مثل الأستاذين حامد إدريس وحسين باسنبل في كرة اليد، ووهيب خليل في كرة السلة، وعبدالله العدوان في الكرة الطائرة، ويحيى اليامي في ألعاب القوى.. وغيرهم.
* ولعل أكاديمية التعليق الرياضي إن أُنشئت (تسهم) في تقديم أسلوب مختلف من التعليق الرياضي، يواكب هذا العصر وتوجهه، ويغيّر من الأسلوب (التقليدي) الذي يقوم على تسلُّم معلق واحد المباراة تسعين دقيقة، قد لا يجد ما يقوله سوى التكرار واجترار المعلومات التي يقولها أكثر من مرة في كل مرة.
* (دويتو التعليق) الرياضي افتقدناه كثيرًا، ورغم أنه جرت أكثر من محاولة لتشكيل (دويتو) حديث أكثر من مرة إلا أن التجارب لم يُكتب لها النجاح؛ وذلك بسبب (التعود) من قِبل المعلقين، وأيضًا بسبب (الأنانية) من قِبل بعضهم الآخر، ونشأة الاستفراد التي تعود عليها، وتحضير (عبارات) السجع والترقيص مسبقًا، والرغبة في الصدح بها مع أي هدف أو كرة أو لقطة جماهيرية، لترقيص وسائل التواصل الاجتماعي بعد المباراة.