فهد بن جليد
سابقاً كانت وزارة الصحة تشترط عند الرغبة في افتتاح صيدلية جديدة أن تكون المسافة بين أقرب صيدلية لا تقل عن 500 متر - يعني نصف كيلو - أمَّا اليوم فإنَّ النصف كيلو هذا ستجد فيه صيدليتين على الأقل، كنتُ أعتقد سابقاً أنَّ هذا في مصلحة المُستهلك (المريض)، ولكن يبدو أنَّ الأمر ليس كذلك, فهل لدينا تخمة من عدد الصيدليات في شوارعنا؟ الحقيقية أنَّ أي مشروع يتم تقبيله أو دكان يتم عرضه للإيجار، فإنَّ النشاط البديل و المتوقع أن يحل مكانه هو « قريباً هنا صيدلية «, لقد أصبح عدد الصيدليات في كل ركن وزاوية أكثر من عدد المرضى في الحي أو الشارع.
الصيدلية في شوارعنا لم تعد مكاناً لبيع الأدوية فقط، فهي تسوق للمُستحضرات الطبية، والأجهزة, والعطورات والشامبوهات, وتقدم العروض الترويجية.. وربنا يستر من القادم، أرجو أن نجد حلاً لتلك العشوائية التنافسية, التي لا تفسير واضح ومنطقي لها، فهل تجارة الدواء وما جاورها مربحة إلى هذا الحد؟ الذي يدفع الصيدليات للتزاحم الشديد الذي نراه، من لديه تفسيراً وتحليلاً منطقياً أتمنى أن يسعفنا ويزودنا به.
أكتبُ هذا الموضوع لمُناسبة المطالب الجديدة التي طرحها المُستثمرون والمُشتغلون بقطاع الأدوية و الصيدليات بضرورة تمديد صلاحية الأدوية لتجنيبهم الخسائر والتقليل منها, ولا أعرف لماذا على هيئة الغذاء والدواء أن تعيد دراسة وضع تواريخ الصلاحية على المُستحضرات الطبية، كونها قصيرة جداً مُقارنة بدول وأسواق أخرى، وأنَّ شروط الهيئة ووزارة الصحة - كما يقول هؤلاء - قاسية على الشركات في وضع مُدد قصيرة جداً لا تكفي للتصنيع والتسويق والعرض والتخزين، وهو ما يُهدد أرباحهم وتجارتهم كون تلك الأدوية والمُستحضرات الطبية يتم إرجاعها وإتلافها, وللأسف لم يتحدث أحد عن المريض أو (المُستهلك) وحقوقه في مثل هذه الخطوة التي تحكمها الدراسات العلمية والمنهجية لتركيبات الأدوية وموادها, وقابليتها للاستخدام في مُدد أطول من التواريخ الموجودة الآن على علب وكراتين الأدوية والمُستحضرات، فالمسألة بالتأكيد يجب ألا تبقى رغبات استثمارية وأطماع تجارية على حساب جودة وفعالية العلاج . أتمنى أن يربح كل تاجر ومستثمر في السوق السعودي في كل نشاط, بشرط أن لا يتضرر المُستهلك الغلبان الذي لا حيلة له إلا الرضوخ والتعامل مع ما هو معروض أمامه دون أن يكون طرفاً مؤثراً وفاعلاً فيما يحدث, لننظر كيف ستُشرك هيئة الغذاء والدواء أو وزارة الصحة المُستهلك وتعرف رأيه حال قامت بمثل هذه الخطوة، لا كما حدث لمطالب سابقة في قطاع الألبان والبيض عندما طالبوا بإخفاء تاريخ الإنتاج أو تمديد صلاحية الانتهاء .
وعلى دروب الخير نلتقي.