أمل بنت فهد
حين يصادفك من يكيل المديح لبيت الأغراب، ويستميت من أجل تلميع الغريب، كأنما يرهن منبره وقلمه لتلميع من لم يعش معه يوماً واحداً ليعرفه، وفي المقابل يغض الطرف عن أهله، بل هو أعمى حين يكون أهله محور النقاش، إن لم يساهم في تشويه صورتهم، وسمعتهم، قصة نكران الذات والجميل، وقصة عقوق تحتار فيها، حتى تعرف أنها مختصر يحكي عن لؤم التركيبة الإخوانية المريضة بعشق الغريب، الذي يُذيقها باليمين طعم المال، وبالشمال يسحق كرامتها.
لأن الدنيا بأسرها تحتقر خونة الأوطان، حتى المنتفعين منهم، لا يرون فيهم أكثر من أداة تستخدم لفترة، أو لهدف، لكنها أبداً لن ترتقيَ لأن تكون يوماً ما محل ثقة أو احترام.
وعادة التركيبة الإخوانية أنها حين تشبع تعض على اليد التي أطعمتها، وربتت عليها، مهما طالت مدة نفاقها، إلا أنها لابد أن تظهر عفنها الذي تختزنه في داخلها.
بعضهم يحاول أن يعزف على وتر الوطنية، لكنه يُسمعنا نشازاً يصم الآذان، لأنه كالعادة يتلون حسب احتياج الفترة، يحسب أن التاريخ ينسى، وإن غفل عنه، فإن أبناء الوطن البررة لن يسمحوا للعالم أن ينسى حقيقتهم.
ومن تناقضهم أن يشككوا بنا حين تفيض المشاعر تجاه الوطن، واتجاه رموزه العظماء، مع أننا نملك كل أسباب الحب، وأسباب الولاء، وأسباب الطاعة، بينما نسأل عن سبب واحد فقط، يشرح مشاعرهم اللقيطة تجاه الغريب، الذي ألبسوه ثياب الرجولة، وعباءة الخلافة!
ستجد العقلية الإخوانية المعتلة في كل دولة تغازل غريباً، وتحارب القريب، هكذا هي مسكونة بمهانة الأغراب، وإن بحثت في ماضيها لن تجد لها كلمة عادلة في حق الوطن ورموزه، بينما عندها شهية مفتوحة للحديث عن الغريب، عن تاريخه، وتاريخ أجداده، في محاولة لخلق أسطورة خرافية كأنما «جابت الثعلب من ذيله».
العقلية الإخوانية ضد كل ما هو وطني، لديها مشكلة قديمة مع الوطن، لأنها فاشلة وعلقت فشلها على أهلها، ولا يمكن أن تراها حتى تحت المجهر من تناهي حجمها، لذا يسهل اصطيادها من الأعداء، وتحويرها لمسخ يحارب أهله ووطنه.
وهكذا هم خونة الأوطان في كل زمان، لم يستطيعوا أن يكونوا شيئاً يذكر في بلادهم، لذا استسلموا للغريب وقبَّلوا يديه «وجه وظهر».