محمد آل الشيخ
أمين بلدية الرياض الجديد «المهندس» طارق الفارس لديه كثير من الملفات التي تنتظر قراراً جريئاً، أهمها تعقيد الإجراءات البيروقراطية؛ هذه النقطة بالذات كانت في رأيي عنصرا رئيسا ساهم مساهمة محورية في ارتفاع معدلات (البطالة) في المملكة التي نسعى إلى محاصرتها لكي لا تتفاقم، على اعتبار أن أمانة بلدية الرياض نموذج للبيروقراطية الحكومية لبقية بلديات مدن المملكة.
كيف؟..
من المعروف أن المنشآت التجارية الصغيرة والمتوسطة في كل بلاد العالم تُسهم بما يتجاوز الستين إلى سبعين بالمائة، في توفير الفرص الوظيفية في سوق العمالة؛ لذلك تسعى الدول قاطبة إلى تذليل كل ما من شأنه أن يكون عقبة في الحد من انتشار وتوسع هذه المنشآت، غير أن أنظمة البلديات، ومنها بلدية الرياض، تُشكل - للأسف - دائما عائقا يساهم في التضييق على هذه المنشآت من الانتشار، وبالتالي ارتفاع نسب البطالة في البلاد. فأغلب الأنظمة البلدية المعتمدة في الرياض قديمة ومعقدة وتستنزف من الوقت والجهد ما جعلها العقبة الأولى بلا منازع في تفشي البطالة، وبالذات إذا ما قارناها بإجراءات التراخيص التي تُصدرها الجهات الحكومية الأخرى. وكما هو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن المشكلة في أساسها (بيروقراطية)، حيث يتطلب الترخيص دورة إدارية وتواقيع يمكن اختصارها بسهولة، أضف إلى ذلك ان الإجراءات الإلكترونية التي دخلت على تنظيمات البلدية مؤخراً لم تقض على التعقيد والتأخير، بل زادت الطين بللاً، فغالباً ما يكون النظام الإلكتروني متعطلاً، وأكثر عبارة يواجهها المستثمرون هي (السستم داون تعال بكرة)، وهذه (البكرة) قد تمتد إلى ما يزيد عن أسبوع أو أسبوعين، كما أن الموظفين في البلديات الفرعية، إذا ما اعترضتهم مشكلة ولو بسيطة في الترخيص، أو تجديد الترخيص، فإن الإجراء الأكثر تفشياً هو الإحالة إلى الأمانة، والتخلص من المسؤولية، ربما خوفا من الخطأ، أو تعمدا للتعقيد لبواعث لا تخفى على الحصيف. وأنا على ثقة أن الأمين الجديد لو سهل الإجراءات المطلوبة، ووجه بإعادة برمجة نظام المتابعة إلكترونياً، كما تفعل وزارة الداخلية في كثير من إجراءاتها، فلن يجد من المراجعين لأمانة بلدية الرياض وكذلك الأمانات الفرعية إلا القليل مقارنة بالأعداد الغفيرة التي يُراجعونها كل يوم؛ وكما يقول علماء الإدارة فالتعقيد في الإجراءات، والحذر من ارتكاب الأخطاء، وكثرة المسؤولين الذين يوقعون على هذه الإجراءات دائماً ما تكون ذات مردود عكسي، حيث تنتشر الواسطات والمحسوبيات، ومن هنا يتسرب الفساد الذي يلغي العدالة، ويجعل الاستثناءات الإدارية محل بحث كل المتعاملين مع الأجهزة الحكومية.
كما أن المسؤول البلدي يجب أن لا يُغلّب مقتضيات القوانين الإدارية على ما هو أهم منها، فالقضية الكبرى، وربما العويصة التي تواجه البلاد، هي ازدياد معدلات البطالة، بما يصل إلى نسبة الاثني عشر في المائة، الأمر الذي يجعل (خفضها) أولوية لا ترقى إليها أية أولوية. غير أن المسؤولين في البلدية لا يكترثون بالبطالة، زادت معدلاتها أو انخفضت، بقدر ما يصرون على التطبيق (الحرفي) للأنظمة والتعليمات. كل ما أريد من الأمين الجديد لينجح في مهمته، أن يسعى إلى تسهيل الإجراءات، ومنح البلديات الفرعية صلاحيات كاملة لإصدار الفسوحات والتراخيص، بحيث لا تحال أي معاملة إلى الأمانة، إلا أن يكون هناك مبرر لإحالتها، وليس القذف بها إلى الأعلى خوفا من تحمل المسؤولية الأمر الذي يزيد من إجراءات بيروقراطية ليس هناك ما يدعو اليها.
إلى اللقاء.