رجاء العتيبي
يشير بعض النقاد أن السينما جاءت في الوقت الضائع, فلم تعد مثيرة للاهتمام كما كانت في السابق, فالناس اليوم مشغولة باهتمامات أخرى غير السينما, ربما هناك أناس مهتمون بأمر السينما, ولكن ليس الكل, وعندما يأتي الشيء في غير (حله) لا يكن بذات (الأهمية) مثلما لو جاء في موعده.
المستثمرون بنوا (جدواهم الاقتصادية) على الصوت العالي الذي يطالب بالسينما منذ سنين, هل هذا الصوت هو صوت الكل؟ بالتأكيد هناك أناس معارضون, ولكن الاتجاه العام -حاليًا- يشير (لانشغالات) متنوعة لدى كثير من أفراد المجتمع عن الحضور إلى السينما, ولو حضر مرة فلن يكون ذلك (ديدنه) ربما يذهب أو يشارك في مباريات (القيمز) أو (التزلج) أو (الحفلات الغنائية) أو (أحداث الترفيه) أو (بطولة البلوت) أو (ممارسة الجيم) ...إلخ.
والذي يدعونا إلى ذلك, أعني: ضبابية الجدوى الاقتصادية كثرة دور العرض التي تقدر بالعشرات, أما الصالات فتشير التقديرات أنها بالمئات, وهي أعداد كبيرة قد تفوق (الطلب), في ظل وجود خيارات أخرى لمشاهدة الأفلام مثل: (النت فليكس) و(القنوات الفضائية) و(السينما المنزلية), عطفا على انشغال الناس باهتمامات فنية ورياضية وترفيهية أخرى.
الذي يقلق ربان السينما التقليدية أن شركة (النت فليكس) كمنصة عرض على الشبكة العنكبوتية بدأت في احتكار نجوم السينما لسنوات طويلة, وهذا أمر مغر جدا للنجم, لأن مشاهدته ستتسع لتصل كل أنحاء الكرة الأرضية في غضون دقائق معدودة, ما يجعل المشاهدين يتحولون إلى مشاهدة نجومهم المفضلين وأفلامهم المفضلة عبر الأجهزة الذكية أو عبر أي منصة عرض تقنية أخرى قريبة منه.
وآخرون يشيرون أن السينما (كأفلام) جاءت بمجيء القنوات الفضائية, منذ العام 1994م, واتسع نطاقها بمجيء الإنترنت العام 2000م, وأن الذي جاء اليوم 2018م هو (دور العرض), ومجيء دور العرض واللوائح المنظمة لها ليس سوى إضافة لما سبق ليس غير.
الجيل الجديد ليس لديه هاجس (السينما) جاء للوجود وهو يشاهد الأفلام عبر أكثر من منصة, بل إن كثيرًا منهم بات (منتجا ومخرجا) لها, لم يعد يهتم بالفيلم الأجنبي بقدر اهتمامه بفيلمه الذي صنعه بيديه, وآخرون في الرصيف الآخر لهم منتجاتهم عبر اليوتيوب تصل مشاهداتها للملايين, فالذي يشاهد أغنية (صامولي) و(ركبني المرجيحة) و(مين سرق العامود) و(انا جاية أحكيلك يامة) هل يمكن أن يذهب لمشاهدة فيلم (درامي/ فلسفي)؟!
ربما هذا قدر السينما في السعودية أنها جاءت في غير (حلها) وفي زمن باتت البلاهة البشرية طاغية جعلت التافهين مشاهير وأتباعهم بالملايين, فيما الذين يفكرون خارج (الكرتون) باتوا بالملايين في السوشال ميديا, ما تواجهه السينما اليوم هو الذي يواجه المسرح والطرب الأصيل, أما الأوبرا فلا أظن لها مكانا في زمن الهشك بشك, تم عرضها قبل أيام في مركز الملك فهد الثقافي ولم يلتفت لها أحد, ولم يحتفِ بها الإعلام.