أ.د.عثمان بن صالح العامر
أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز منتصف الأسبوع الماضي أمره الكريم بإعادة تشكيل مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، والقارئ في سيرة الأعضاء، والمتابع للساحة الثقافية، والراصد للحراك الفكري السعودي؛ يلحظ أن هذه الأسماء تمثِّل شرائح المجتمع المختلفة، ولها وجودها وحضورها الثقافي والاجتماعي والإعلامي المتميز، ولذا فإن الأمل فيهم كبير، وحجم التفاؤل لدى المثقف الوطني في تسريعهم حركة الحوار عظيم، فالمركز:
* يشرف بحمل اسم المؤسس الباني لهذا الكيان الشامخ المتميز المملكة العربية السعودية جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود - رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
* ومن وضع في هؤلاء المثقفين ثقته الملكية الكريمة الغالية التي ينشدها ويتطلع لها كل مواطن فضلاً عن أن يكون مثقفاً هو رجل الثقافة والتاريخ، صاحب الرؤية الثاقبة والفكر النير، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز- أدامه الله- الذي عرف بقربه من الحراك الثقافي ومتابعته ومعرفته لما يكتب ويقال في ساحتنا المحلية، ولذا كان لزاماً على هؤلاء الذين نالوا هذا الوسام الشرفي الأسمى أن يبذلوا قصارى جهدهم في إيجاد حوار شمولي متميز، وألا يغيب عن بالهم لحظة واحدة أنهم يجتمعون تحت قبة مركز وطني، والوطن- كما لا يخفى- يدخل عهداً جديداً له رؤية إستراتيجية طموحة (2030) أبدع مهندسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد الأمين - وفّقه الله ورعاه - في تحديد أهداف هذه الرؤية وبيان آلياتها والتعريف بمكتسباتها وتحدياتها بكل شفافية ومصداقية ووضوح.
التحدي الحقيقي للمجلس الجديد هو القدرة على مواكبة التسارع الذي تعيشه المملكة اليوم، ومن ثم العكوف الفعلي والعمل الدؤوب والتواصل المستمر مع شرائح المجتمع السعودي المختلفة من أجل إعادة النظر في ترتيب أولويات القضايا الوطنية التي تحتاج إلى حوار، وهي غالباً قضايا متجددة وإن كان البعض منها متجذراً ومتأصلاً ، وقد - أقول وقد - تختلف هذه القضايا المحورية من منطقة لأخرى شكلاً ووزناً واتساعاً.
كما أن من الأهمية بمكان الخروج عن التراتبية المعهودة والاقتصار على إعداد التقارير المكتبية والحوارات المقتضبة والزيارات الخاطفة للمناطق، فالمسؤولية الوطنية والتحديات التنموية الواقعية توجب الشخوص للميدان والمعايشة الحقة والتواصل الفعلي خاصة مع الشباب أصحاب الثقافة الفرعية التي قد تتقاطع وربما تتناقض في بعض مفرداتها مع موروثنا الثقافي من باب ما يعرف بصراع الأجيال الذي يوجب على مثل هذه المحاضن الوطنية فتح قناة الحوار البناء من أجل غد أفضل للمواطن المنتمي ولوطننا المعطاء ولهذه الفئة على وجه الخصوص.
أجزم أن كل هذا لم ولن يغيب عن بال الزملاء الأعزاء رئيس وأعضاء مجلس الأمناء الموقر، ولكن كان هذا المقال للمباركة أولاً والتذكير ثانياً وثالثاً، لقناعتي الشخصية بأن المسؤولية الوطنية توجب التشاور والمدارسة في كل أمر مفصلي محوري في مسيرتنا التنموية، وهل هناك ما هو أعز من الحوار من أجل قضايا الوطن الناجزة فكيف إذا كان الوطن محل الحديث بلد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية، مبارك للجميع والله يوفقكم، وإلى لقاء والسلام .