يوسف بن محمد العتيق
لن أتحدث عن ارتباط أبناء الصحراء من المثقفين والأدباء والشعراء بالمطر والسحاب والغيم؛ فقد كتبوا وأبدعوا في وصف مشاعرهم بين كتاب مستقل وموضوع مطول وعشرات القصائد في التخاطب مع المطر.
حديثي هنا هو تسجيل سريع لعشق ابن الصحراء البسيط لحبات المطر المتساقطة من السماء؛ فهي الحياة بالنسبة له حتى ولو لم يكن لديه زراعة أو بستان أو حديقة، وحتى لو كان الآن يسكن في قصير مشيد في المدينة؛ فهو يعلم أن وجود الماء هو الحياة له ولغيره.
في السابق حين يتحدث المؤرخون من أبناء الجزيرة العربية عن تعامل الناس مع السنة، وأبرز ما حصل فيها، تجد أنهم في بعض الأحيان يوثقونها بحدث بارز مرتبط بالمطر، إما سنة ممطرة، وتوصف بأوصاف تدل على الوفرة في الماء والخير في المنتجات الزراعية، ويعطونها لقبًا مرتبطًا بذلك، وإذا كانت السنة قحطًا وصفوها بهذا الجانب، وتحدثوا عن غلاء الزاد.
بل تجاوز الأمر ذلك إلى أنهم في بعض السنوات يصفون السحاب الأسود الكثيف، ويطلقون على تلك السنة وصفًا مستمدًّا من منظر ذلك السحاب.
هكذا كان الأوائل، ولم يتخلف عن اللحاق بركبهم من بعدهم حتى يومنا هذا؛ فالمطر حياة.