كوثر الأربش
العظماء إرثهم ثقيل سيدتي، هذا ما قلتُه لنفسي بعد الاطلاع على رسالتك لموفد خادم الحرمين الشريفين المستشار نزار العلولا. لقد خلف لكم الشهيد، رفيق العمر والدرب -كما سميتهِ- جذوة لن تنطفئ، لأن من يحملها امرأة صادقة، وفيَّة. ستُبقي ما ناضل لأجله نابضًا وحيًا. أعني لبنان حُر ومزدهر. وهذا ما نريده جميعًا، منذ اتفاق الطائف الذي لن ننساه، والذي أعاد للبنان سلامه وقوته وجماله. كما لا ننسى مساعي الشهيد الراحل في حزم الفرق، حقن الدماء، وتكريس مبدأ التعايش بين الطوائف. لقد كان طاقة سلام مشرقة على كافة نواحي بلاده. هذا ما جعل منه رمزًا للوطنية والنضال.
زيارة سعادة المستشار نزار العلولا لضريح الشهيد رفيق الحريري، أتت في السياق المعهود لتوافق الرؤى بين السعودية والحريري. أتحدث عن التوافق وليس الاستعداء والتسلط. التناغم والانسجام بين ما تريده السعودية من علاقات جيدة مع الجميع. وما كان يبرع به الحريري من نسج تحالفات وصداقات مؤثرة، وتفاعل إيجابي مع رؤساء الدول الأخرى. العلاقات بهذا المفهوم الودي والفاعل هو ما تريده السعودية وأراده الحريري رحمه الله، وكل محبي لبنان. وأنا متأكدة أنكِ تحملين هذه الروح الأصيلة والقوية ذاتها. وأن عودة لبنان لكتاب السلام الذي خطه الشهيد، يقر عينك، ويجلب لك الطمأنينة. لأنهم حين يرحلون، يتركون فينا طموحاتهم، أعرف ذلك جيدًا. وهذا ما تبينته بين سطورك النابضة بالحب والوفاء معًا.
عن نفسي ونيابة عن كل محب للبنان، أقول: اشتقنا للبنان في أوجه واستقلاليته، ونحلم به متوجهاً لمستقبله بخطى واثقة تستعيد فيها سيادته الكاملة، جيشه، تعايش فئاته، سياحته، موسيقاه، مسرحه وكل مصادر القوة والجمال التي لا تنفد.
عود على بدء، إرث العظماء ثقيل. وقد ألمحتِ في رسالتك، إلى أن الرئيس الشهيد رفيق الحريري حرص على أواصر المحبة والاحترام، الحفاظ عليها، تطويرها وتمتينها بما يخدم شعبي البلدين. وهذه وصية رجل عرف قيمة الصداقة المحفوفة بالحب والاحترام.
لكِ، ولشهيدك، شهيدنا الغالي، للبنان والسعودية، كل الأمنيات الطيبة، وكل الدعوات الصادقة.