فهد بن جليد
يبدو أنَّنا بحاجة شيلة جديدة على طريقة (من نظرة الرجال تعرف كم رصيده) مع الاعتذار لصاحب قصيدة (من نظرة الرجال نعرف خوافيه) فالباحثة الأمريكية بجامعة تورنتو (ثورا بجور) وفريقها يقدمون لنا معلومات جديدة، حول إمكانية معرفة المستوى المادي للأشخاص الذين نقابلهم من خلال التمعن جيداً في عيونهم، وهذه المؤشرات تم التوصل إليها من خلال دارسة علمية طُبقت مؤخراً على عشرات الأشخاص وأثبتت صحة 68 في المئة من التوقعات، وأنَّ المعايير المُتبعة في تحديد المستوى المعيشي لصور الأشخاص تمحورت حول قُرص العين ونظرتها وما يحيط بها، وإن اعتمدت على التخمين في بعض الحالات إلا أنَّها كانت صائبة في أغلبها.
العين والفم هما أكثر ما يفضح مستواك المادي، دلالات الغنى والفقر التي قد تطبقها على كل من تراه وتقابله في حياتك قد لا تكون أدلة قطعية، نتيجة التغيرات الاقتصادية المُفاجئة التي يمر بها البشر بين الغنى بعد فقر أو الفقر بعد غنى، لأنَّ علامات الشقاء والمُثابرة والكدح المعيشي لسنوات تبقى بعد أن ارتسمت على مُحيا بعض الأغنياء بداية عمرهم وهذا مُشَاهد ومُعاش، فكم رجل تعتقد أنَّه يستحق الشفقة بسبب علامات الزمن التي حفرها على وجهه ولكنَّك تفاجأ بمقدرته المالية الكبيرة وما يملكه من أرصدة، وقد يخدعك مظهر المنَعمون في بداياتهم ممن لا يملكون ما يكفيهم من المال الذي يتناسب مع مظهرهم أو شكلهم الخارجي المُخادع، فما بين طرفة عين وانتباهتها يُغير الله من حالٍ إلى حالِ، وهذا لا يمنع أو يتعارض مع ضرورة معرفة وفهم أهم الدلالات العلمية، وأحدث طُرق كشف حالة الانسان المالية من صورته أو تعابير وجهه وتخمينها التي توصلت لها هذه الدراسة.
من أهم الفوائد التي يجب الحفاظ عليها والانتباه لها والحرص على إظهارها - والتي نفتقدها في مجتمعاتنا مع تقلب وتغير الظروف الاقتصادية - هي الابتسامة الطبيعية غير المُتصنعة والمرسومة على المُحيا، فالابتسامة الدائمة على الوجه هي السحر الذي أخفى وصعَّب من مهمة معرفة حالة الأشخاص المالية في الاختبارات التي أجراها الباحثون في الدراسة، وجعل كل التخمينات مُحايدة وغير واضحة المعالم، ممَّا يؤكد أنَّ للابتسامة الدائمة مفعولا سحريا (كواق شفاف) يمنع معرفة أو تخمين الحالة الاجتماعية والنفسية والمالية والمزاجية لصاحبها، بينما تبقى الأنماط المحفورة في الوجوه حول العينين، والانكماش المزمن لبعض العضلات أكثر الدلالات وضوحاً على سوء الظروف المالية والمعيشية التي مر بها الإنسان في حياته، حتى لو بدى ثرياً، فبعدما كانت العيون تفضح العشاق وأسرار الحب، باتت اليوم أشهر مؤشر اقتصادي جديد حول الفقراء ونكباتهم.
وعلى دروب الخير نلتقي.