د. أحمد الفراج
من يتابع خطاب إعلام اليسار الأمريكي المتوحش، يدرك إلى أي مدى يمكن أن يتجاوز الإعلام المؤدلج، حتى ولو أدى ذلك إلى تهديد الأمن القومي، فما يفعله هذا الإعلام، منذ سنتين، ضد الرئيس ترمب، يخدم روسيا في المقام الأول، إذ هو يروج، من حيث يعلم ولا يعلم، لنفوذ روسيا بوتين، التي استطاعت أن تخترق أكثر من ست عشرة وكالة أمريكية أمنية، بما فيها وكالة الاستخبارات المركزية الضخمة (CIA)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وتدخلت في سير الانتخابات الأمريكية الماضية، وهذا لا يعني بحال، أن ترمب لم يرتكب أخطاء، سواء في تعامله مع ملف التدخل الروسي، أو مع الإعلام، فهو يتحمل جزءًا من المشكلة، بسبب نرجسيته وعناده، ولكن هذه الأزمة كشفت بجلاء عن تطرف إعلام اليسار، وهو الذي كثيرا ما اتهم إعلام اليمين بالتطرف!.
الرئيس الروسي بوتين، يراقب الأزمة، بين ترمب والإعلام، ولا شك أنه يشعر بسعادة غامرة، إذ إن الإعلام الأمريكي، الذي طالما أقلق روسيا، والاتحاد السوفييتي قبل ذلك، يتفرغ حاليا للحرب على رئيس أمريكا، بدلا من الحرب على خصومها، ومشكلة ترمب مع الروس معقدة، فالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية الماضية ثابت، بشهادة أجهزة الأمن الأمريكية، ولكن حتى الآن، لم يثبت أن ترمب كان له علاقة بالأمر، وإعلام اليسار يحاول أن يربطه بأي شكل، لأن هذا يعني اتهامه بالخيانة، وبالتالي عزله من الرئاسة، وبما أن ترمب بليونير، منذ نعومة أظفاره، واعتاد أن تكون له اليد الطولى والكلمة العليا على الدوام، وفوق كل ذلك عنيد، فهو لم يستسغ هجوم الإعلام عليه، وبالتالي قرر أن يناكف الإعلام، وهو الأمر الذي فاقم المشكلة، ويكاد أن يعطل عمل الإدارة الأمريكية.
توماس فريدمان، الكاتب بصحيفة نيويورك تايمز، التي تعتبر أشرس خصوم ترمب، تحدث عن هذا الأمر، وتساءل عن سر عدم مجابهة ترمب لروسيا، في ظل ثبوت تدخلها في أعظم شأن أمريكي، أي الحراك الديمقراطي، وتحدث فريدمان عما تردده بعض وسائل الإعلام، من أن الروس يملكون شريطا فضائحيًا مصورًا لترمب، أثناء إقامته في أحد فنادق موسكو، عندما كان مسؤولا عن مسابقات ملكات جمال العالم، ما يعني أن ترمب تحت سيطرة الروس، عن طريق الابتزاز، وهذا اتهام لا يمكن نفيه أو اثباته، وقد يكون من فبركات خصوم ترمب، وربما أن ما يفسر موقف ترمب الناعم من روسيا، هو استراتيجيته، التي تؤمن بأن التقارب مع روسيا، من شأنه أن يسهل حل القضايا العالقة بين البلدين من جهة، وحلحلة القضايا والأزمات العالمية، من جهة أخرى، والخلاصة هي أن إعلام اليسار الأمريكي، يساهم في تعطيل عمل الرئيس ترمب من جهة، وفي تقوية ودعم خصم أمريكا الشرس، فلاديمير بوتين، فإلى متى سيستمر هذا العبث؟!.